التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٩
قوله تعالى:
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين (19) آية اخبر الله تعالى في هذه الآية انه ينبغي الا " يعمر مساجد الله " إلا " من آمن بالله " وأقر بوحدانيته واعترف باليوم الاخر يعني يوم القيامة ثم أقام بعد ذلك " الصلاة " بحدودها. وأعطى " الزكاة " الواجبة - ان وجبت عليه - مستحقيها ولم يخف سوى الله أحدا من المخلوقين، فإذا فعلوا ذلك فإنهم " يكونون من المهتدين " إلى الجنة ونيل ثوابها، لان عسى من الله واجبة ليست على طريق الشك، وهو قول ابن عباس والحسن. وقال قوم: إنما قال عسى ليكونوا على طريق الحذر، مما يحبط اعمالهم، ويدخل في عمارة المساجد عمارتها بالصلاة فيها، والذكر لله. والعبادة له، لان تجديد أحوال الطاعة لله من أو كد الأسباب التي تكون بها عامرة، كما أن اهمالها من أوكد الأسباب في اخرابها، وذكر قوله " وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله " بعد ذكر قوله " من آمن بالله واليوم الآخر " يدل على أن الايمان لا يقع على افعال الجوارح، لأنه لو كان الايمان متناولا لذلك اجمع لما جاز عطف ما دخل فيه عليه. ومن حمل ذلك على أن المراد به التفصيل وزيادة البيان فيما يشتمل على الايمان تارك للظاهر. والخشية انزعاج النفس لتوقع ما لا يؤمن من الضرر تقول: خشي يخشى خشية فهو خاش، ومثله خاف يخاف خوفا ومخافة، فهو خائف. والخاشي نقيض الامن. والاهتداء المذكور في الآية هو التمسك بطاعة الله التي تؤدي إلى الجنة وفاعلها يسمى مهتديا.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست