التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٨٦
قال الله تعالى " فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (1) وقال " فغشاها ما غشى " (2) وقال " كأنما أغشيت وجوههم " (3) وحجتهما أنه أشبه بما بعده. لأنه قال " وينزل عليكم من السماء ماء " فكما أن (ينزل) مسند إلى اسم الله كذلك " يغشي ".
و " الغشيان " لباس الشئ ما يتصل به، ومنه غشي الرجل امرأته، فكأن النعاس قد لا بسهم بمخالطته إياهم. و " النعاس " ابتداء حال النوم قبل الاستثقال فيه، وهو السنة، تقول: نعس ينعس نعاسا فهو ناعس. وحكى الفراء أنه سمع نعسان.
و " الامنة " الدعة التي تنافي المخافة، تقول: أمن أمنا وأمانا وأمنة. وانتصب " أمنة " بأنه المفعول له، والعامل فيه " يغشى ".
وقوله " وينزل عليكم من السماء ماء " يعني مطرا وغيثا.
وقوله: " ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان " قال ابن عباس: معناه يذهب منكم وسوسة الشيطان، بأنه غلبكم على الماء المشركون حتى تصلوا وأنتم مجنبين، لان المسلمين باتوا ليلة بدر على غير ماء، فأصبحوا مجنبين، فوسوس إليهم الشيطان، فيقول: تزعمون أنكم على دين الله وأنتم على غير الماء تصلون مجنبين، وعدوكم على الماء، فأرسل الله عليهم السماء، فشربوا واغتسلوا وأذهب به وسوسة الشيطان، وكانوا في رمل تغوص فيه الاقدام، فشدده المطر حتى تثبت عليه الرجال فهو قوله " ويثبت به الاقدام ". والهاء في " به " راجعة إلى الماء. وقال ابن زيد:
يذهب بوسوسته أنه ليس لكم بهؤلاء طاقة. وقال الجبائي: لان الاحتلام بوسوسة الشيطان.
وقوله " وليربط على قلوبكم " معناه ليشد عليها بما يسكنها وقوله " ويثبت به الاقدام " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وأكثر المفسرين: لتلبيده الرمل

(1) سورة 36 يس آية 9 (2) سورة 53 النجم آية 54 (3) سورة 10 يونس آية 27
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست