التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٦٣
ما هم عليه من الكفر والمعاصي أن يعرض عنهم ولا يجاوبهم في مكروه يسمعه، صيانة لنفسه عنهم. وقال عطا العفو: الفضل. وقال مجاهد: العفو من اخلاق الناس، وعفو أموالهم من غير تجسس عليهم. وقال: ما عفا لك من أموالهم، وذلك قبل فرض الزكاة. وقال السدي: نسخ ذلك بآية الزكاة وقال ابن زيد: امره بالاعراض عنهم ثم نسخ بقوله " واغلظ عليهم " (1).
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله: " وامر بالعرف " أن جبرائيل قال له معناه تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك.
قوله تعالى:
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم (199) آية.
النزغ أدنى حركة تقول: نزغته إذا حركته. والمعنى ان نالك يا محمد من الشيطان أدنى حركة من معاندة وسوء عشرة " فاستعذ بالله " اي سل الله ان يعيذك، ويحفظك منه فإنه سميع للمسموعات وعالم بالخفيات يسمع دعاء من يدعوه ويعلم دعاءه وما يستحقه بذلك من الله.
والنزغ الفساد أيضا يقال: نزغ فلان بيننا اي افسد، ومنه قوله تعالى: " نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي " (2) ونزع ينزع ونغز ينغز إذا أفسد. وموضع ينزغنك جزم ب‍ (إن) التي للجزاء الا انه لا يبين فيه الاعراب، لأنه مبني مع نون التأكيد على الفتح وإذا كانت مشددة لابد من تحريك ما قبلها في الجزم لالتقاء الساكنين والنزغ الازعاج بالاغواء وأكثر ما يكون ذلك عند الغضب واصل النزغ الازعاج بالحركة نزغته انزغه نزغا.

(1) سورة 9 التوبة آية 74 وسورة 66 التحريم آية 9 (2) سورة 12 يوسف آية 100
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست