التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٦٢
ويقال في اللغة: تناظر الحائطان إذا تقابلا وكل شئ قابل غيره يقال: نظر إليه.
وقال الحسن: المعنى وإن تدع يا محمد المشركين، فلم يجعل الكناية عن الأوثان وقال الرماني: الكناية عن الأوثان لأنهم جعلوها تضر وتنفع، كما يكون ذلك فيما يعقل.
وفي الآية دلالة على أن النظر غير الرؤية، لأنه تعالى أثبت النظر ونفى الرؤية وقوله " وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون " وجه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله ولو كان امره بخطاب المشركين بمعنى قل لهم لقال وترونهم. وقال السدي ومجاهد:
أراد به المشركين، فعلى هذا يكون قوله " وإن تدعوهم " خطابا للنبي صلى الله عليه وآله انه ن دعا المشركين إلى الهدى لا يسمعوا بمعنى لا يقبلوا وهم يرونه ولا ينتفعون برويته.
قوله تعالى:
خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (198) آية امر الله تعالى نبيه أن يأخذ مع الناس بالعفو، وهو التساهل فيما بينه وبينهم وقبول اليسير منهم الذي سهله عليهم ويسر فعله لهم، وان يترك الاستقصاء عليهم في ذلك، وهذا يكون في مطالبة الحقوق الواجبة لله تعالى وللناس وغيرها. وهو في معنى الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله " رحم الله سهل القضاء سهل الاقتضاء ". ولا ينافي ذلك ان لصاحب الحق والديون وغيرها استيفاء الحق وملازمة صاحبه حتى يستوفيه، لان ذلك مندوب إليه دون أن يكون واجبا. وقد يكون العفو في قبول العذر من المعتذر وترك المؤاخذة بالإساءة.
وقوله " وامر بالعرف " يعني بالمعروف، وهو كل ما حسن في العقل فعله أو في الشرع، ولم يكن منكرا ولا قبيحا عند العقلاء.
وقوله عز وجل " وأعرض عن الجاهلين " امر بالاعراض عن الجاهل: السفيه الذي إن كلمه سفه عليه وآذاه بكلامه. وأمره إذا أقام عليهم الحجة وبين بطلان
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست