التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٥٩
باخس. وقيل في العمل الذي يوفون حقهم من غير بخس قولان: أحدهما - قال الضحاك ومجاهد: هو أن يصل الكافر رحمه أو يعطي سائلا سأله أو يرحم مضطرا أو غير ذلك من أفعال الخير، فان الله تعالى يعجل له جزاء عمله في الدنيا بتوسيع الرزق، وإقرار العين فميا خول، ودفع مكاره الدنيا. الثاني - الغزو مع النبي صلى الله عليه وآله للغنيمة دون ثواب الآخرة، أمر الله نبيه أن يوفيهم قسمهم وهذا من صفة المنافقين، ذكره الجبائي. وإنما جاز أن يقول " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم " ولم يجز أن تقول: من جاءني أكرمه، لان الأجود في الشرط والجزاء أن يكونا مستقبلين أو يكونا ماضيين بنية الاستقبال، فإن كان أحدهما ماضيا، والاخر مستقبلا كان جائزا على ضعف كما قال زهير:
ومن هاب أسباب المنايا تنلنه * ولو رام أسباب السماء بسلم (1) قلنا عنه جوابان: أحدهما - قال الفراء: إن المعنى من يرد الحياة الدنيا و (كان) زائدة. والثاني إن المعنى أن يصح أنه كان، كقوله " إن كان قميصه قد من دبر فكذبت " (2) ولا يجوز مثل هذا في غير (كان) لأنها أم الافعال.
قوله تعالى:
أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون (16) آية قوله " أولئك " كناية عن الذين ذكرهم في الآية الأولى، وهم الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها، دون ثواب الآخرة. فأخبر الله أنه ليس لهم في الآخرة مستقر إلا النار، وأن أعمالهم كلها محبطة لا يستحقون عليها ثوابا، لأنهم أوقعوها

(1) اللسان (سبب) وروايته (المنية يلقها) بدل (المنايا تنلنه) (2) سورة 12 يوسف آية 27
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»
الفهرست