التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٧٠
وقوله " أن لا تعبدوا الا الله " يحتمل أن يكون موضع (تعبدوا) من الاعراب نصبا، والمعنى أن لا تعبدوا الا الله، ويجوز أن يكون موضعه جزما على تقدير أي لا تعبدوا. ويحتمل أن يكون متعلقا بقوله " أرسلنا " وتقديره أرسلنا بأن لا تعبدوا الا الله، على ما بينا من الاعتراض وحملها جميعا على الارسال.
وقوله " اني أخاف عليكم عذاب يوم أليم " أي مؤلم عذابه وإنما قال عذاب يوم اليم بالجر ومعناه مؤلم، لان الألم يقع في اليوم، فكأنه سبب الألم. ولو نصبته على أن يكون صفة للعذاب كان جائزا، ولم يقرأ به أحد. وإنما بدئ بالدعاء إلى العبادة دون سائر الطاعات، لأنها أهم ما يدعى إليه من خالف الحق فيه ولأنه يجب أن يفعل كل واحدة من الطاعات على وجه الاخلاص والعبادة فيها لله. وإنما قال " اني أخاف عليكم عذاب يوم اليم " مع أن عذاب الكافر معلوم لأنه يخاف ما لم يعلم ما يؤول إليه أمرهم من ايمان أو كفر، وهذا لطف في الاستدعاء وأقرب إلى الإجابة في غالب أمر الناس.
قوله تعالى:
فقال الملا الذين كفروا من قومه ما نريك إلا بشرا مثلنا وما نريك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين (27) آية قرأ أبو عمرو " بادئ الرأي " بالهمز في بادي. الباقون بلا همز.
قال أبو علي: حدثنا محمد بن السدي أن اللحياني قال: يقال: أنت بادي الرأي تريد ظلمنا لا يهمز (بادي) وبادئ الرأي مهموز. فمن لم يهمز أراد أنت أول الرأي ومبتدؤه وهما في القرآن. وقال أبو علي: من قال (بادي الرأي) بلا همز جعله من بدو الشئ وهو ظهوره، وما اتبعك إلا أراذل فيما ظهر لهم من الرأي
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»
الفهرست