التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٥٨
والمؤمنين، ولا يأتون بعشر سور معارضة لهذا القرآن، فليعلم المؤمنون إنما أنزل بعلم الله بهذا الدليل، وهو قول مجاهد والجبائي.
والاخر - أن يكون المراد به المشركين، فالتقدير فإن لم يستجب لكم من تدعونهم إلى المعاونة ولا يهيأ لكم المعارضة، فقد قامت عليكم الحجة.
والاستجابة في الآية طلب الإجابة بالقصد إلى فعلها، يقال: استجاب وأجاب بمعنى واحد. والفرق بين الإجابة والطاعة أن الطاعة موافقة للإرادة الجاذبة إلى الفعل برغبة أو رهبة، والإجابة موافقة الداعي إلى الفعل من أجل أنه دعا به.
وقوله " انزل بعلم الله " يحتمل أمرين: أحدهما - بعلم الله انه حق من عنده أي عالم به. والاخر - بعلم الله بمواقع تأليفه في علو طبقته. وقوله " وأن لا إله إلا هو " اي فاعلموا أن لا إله إلا هو. وقوله " فهل أنتم مسلمون " معناه هل أنتم بعد قيام الحجة عليكم بما ذكرناه من كلام الله وانه أنزله على نبيه تصديقا له فيما أداه إليكم عن الله مسلمون له موقنون به؟ لان كل من سلم له الامر فقد استسلم له. قال مجاهد: وهذا خطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله من المسلمين.
قوله تعالى:
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون (15) آية شرط الله تعالى بهذه الآية أن " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها " وحسن بهجتها، ولا يريد الآخرة، فان الله تعالى يوفيه جزاء عمله فيها يعني في الدنيا، ولا يبخسه شيئا منه. والزينة تحسين الشئ بغيره من لبسة أو حلية أو هيئة، يقال:
زانه يزينه وزينه تزيينا. والتوفية تأديه الحق على تمام. والبخس نقصان الحق، يقال: بخسه بخسا إذا ظلمه بنقصان الحق. وفي المثل (يبخسها حمقاء) وهي
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»
الفهرست