التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٤٧
يحتمل (أن) في قوله " أن لا تعبدوا " أمرين:
أحدهما - أن يكون بمعنى المصدر كقولك كتبت إليه أن لا تخرج بالجزم وكان يجوز في العربية أن لا تعبدون على الوجه الأول، وهو الاخبار بأنهم لا يعبدون كما تقول: كتبت إليه أن لا تخرج أي بأنك لا تخرج. و " أن لا تعبدوا " في موضع نصب وتقديره فصلت آياته بأن لا تعبدوا أو لئلا تعبدوا.
والثاني - يحتمل أن يكون المعنى أمرتم بأن لا تعبدوا، فلما حذف الباء نصب بعدها، ومعنى (إلا) في الآية ايجاب للمذكور بعدها وهو ما نفي عن كل ما سواه من العبادة وهي التي تفرغ عامل الاعراب لما بعدها من الكلام. وقوله " اني لكم منه نذير وبشير " اخبار أن النبي صلى الله عليه وآله مخوف من مخالفة الله وعصيانه بأليم عقابه مبشر بثواب الله على طاعاته واجتناب معاصيه، والنذارة اعلام موضع المخافة ليتقى، ونذير بمعنى منذر كأليم بمعنى مؤلم. والبشارة اعلام بما يظهر في بشرة الوجه به المسرة وبشير بمعنى مبشر. وقوله " وأبشروا بالجنة " معناه واستبشروا.
قوله تعالى:
وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير (3) آية.
هذه الآية عطف على ما قبلها وتقديره ثم فصلت من لدن حكيم خبير بان لا تعبدوا إلا الله وبأن استغفروا ربكم بمعنى سلوا الله المغفرة ثم توبوا إليه، وإنما ذكرت التوبة بعد الاستغفار، لان المعنى اطلبوا المغفرة بأن تجعلوها غرضكم ثم توصلوا إلى مطلوبكم بالتوبة، فالمغفرة أول في الطلب وآخر في السبب. وقيل إن
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست