التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٥٠
ما كانوا يدبرونه على النبي وعلى المؤمنين ويكتمونه عن الناس، فبين الله تعالى انهم وقت ما يتغطون بثيابهم ويجعلونها غشاء فوقهم عالم بما يسرون وما يعلنون، لا انه يتجدد له العلم في حال استغشائهم بالثوب بل هو عالم بذلك في الأزل. ومعنى " ما يسرون وما يعلنون " اي ما يخفونه في أنفسهم وما يعلنونه أي يظهرونه " انه عليم بذات الصدور " ومعناه عالم بأسرار ذات الصدور.
قوله تعالى:
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين (6) آية.
أخبر الله تعالى أنه ليس في الأرض دابة إلا والله تعالى متكفل برزقها.
والدابة الحي الذي من شأنه أن يدب يقال: دب يدب دبيبا وأدبه ادبابا، غير أنه صار بالعرف عبارة عن الخيل والبراذين دون غيرها من الحيوان.
وقوله " ويعلم مستقرها ومستودعها " فالمستقر الموضع الذي يقر فيه الشئ وهو قراره ومكانه الذي يأوي إليه. والمستودع المعنى المجعول في القرار كالولد في البطن والنطفة التي في الظهر وقيل: مستودعها مدفنها بعد موتها. وقيل: مستقرها في أصلاب الاباء ومستودعها في أرحام الأمهات. وقيل: مستقرها ما تستقر عليه، ومستودعها ما تصير إليه.
وقوله " كل في كتاب مبين " خبر من الله تعالى أن جميع ذلك مكتوب في كتاب ظاهر يعني اللوح المحفوظ، وإنما أثبت تعالى ذلك مع أنه عالم انه لا يعزب عنه شئ لما فيه من اللطف للملائكة أو يكون فيه لطف لمن يخبر بذلك.
قوله تعالى:
وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»
الفهرست