التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٠٧
و (العالم) كل أمة من الحيوان وجمعة العالمون على تغليب ما يعقل، وهو مأخوذ من العلم، لكنه كثر في استعمال أهل النظر على أنه لجميع ما أحاط به الفلك من الأجسام المتصرفة في الأحوال، وقال قوم (عالم) لا يقع إلا لجماعة العقلاء. وقد بينا ذلك في فاتحة الكتاب.
وقوله " رب موسى وهارون " إنما خص موسى وهارون بالذكر بعد دخولهما في الجملة من " آمنا برب العالمين " لامرين:
أحدهما - أن فيه معنى الذي دعا إلى الايمان موسى وهارون.
الثاني - خصا بالذكر لشرف ذكرهما على غيرهما على طريق المدحة لهما والتعظيم. والرب بالاطلاق لا يطلق إلا على الله تعالى، لأنه يقتضي أنه رب كل شئ يصح ملكه، وفي الناس يقال: رب الدار ورب الفرس، ومثله (خالق) لا يطلق إلا فيه تعالى، وفى غيره يقيد، يقال خالق الأديم.
قال الرماني: وإنما جاز نبيان في وقت ولم يجز إمامان في وقت، لان الامام لما كان يقام بالاجتهاد كانت إمامة الواحد أبعد من المناقشة واختلاف الكلمة وأقرب إلى الألفة ورجوع التدبير إلى رضا الجميع.
وهذا الذي ذكره غير صحيح، لان العقل غير دال على أن الامام يجب أن يكون واحدا كما أنه غير دال على أنه يجب أن يكون النبي واحدا، وإنما علم بالشرع أنه لا يكون الامام في العصر الواحد إلا واحدا كما علمنا أنه لم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وآله نبي آخر، واستوى الأمران في هذا الباب.
قوله تعالى:
قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون (122) لا قطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين (123) آيتان بلا خلاف.
(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»
الفهرست