بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٥٩٣
جميع الأمة، فيلزم على ما فهم من دلالة الشهادة على البقاء وتأخر الموت أن يعتقد تأخر موت كل واحد من الأمة عن الناس، فكان عليه أن لا يذعن بموت أحد من الأمة، ولو سامحنا في كون المراد بعض الأمة لا نهدم أساس إنكاره، إذ لا شك في تأخر موته صلى الله عليه وآله عن بعض أمته، وأنه قد مات قبله كثير من أمته، ولو كان المراد ب‍ (البعض) الصحابة لزمه أن لا يذعن بموت أحد منهم، ولم يتعين ذلك البعض بوجه آخر حتى يزعم تأخر موته صلى الله عليه وآله عنهم.
وبالجملة، سوء الفهم وسخافة الرأي في مثل هذا الاستنباط مما لا يريب فيه عاقل، والظاهر أن هذا الاعتلال مما تفطن به بعد حال الانكار فدفع به بزعمه شناعة إنكاره.
ثم إنه أجاب شارح المقاصد (1) بوجه آخر، وهو: أن ذلك الاشتباه كان لتشوش البال، واضطراب الحال، والذهول عن جليات الأحوال.
وحكى شارح كشف الحق (2) عن بعضهم أنه قال: كان هذا الحال من غلبة المحبة، وشدة المصيبة، وإن قلبه كان لا يأذن له أن يحكم بموت النبي صلى الله عليه وآله.. وهذا أمر كان قد عم جميع المؤمنين بعد النبي صلى الله عليه وآله حتى جن بعضهم، وأغمي على بعضهم من كثره الهم، واختبل بعضهم، فغلب عمر شدة حال المصيبة، فخرج عن حال العلم والمعرفة وتكلم بعدم موته وأنه ذهب إلى مناجاة ربه.. وأمثال هذا لا يكون طعنا.
ويرد عليه أنه من الضروريات العادية أن من عظمت عليه المصيبة وجلت الرزية بفقد حبيبه حتى اشتبهت عليه الأمور الضرورية لا يترك تجهيزه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ولا يسرع إلى السقيفة لعقد البيعة والطمع في الخلافة

(١) شرح المقاصد ٥ / ٢٨٢.
(٢) المراد به: الفضل بن روزبهان المعروف ب‍: خواجة مولانا، وخواجه الخنجي، وكتابه هو: إبطال المنهج الباطل في الرد على ابن المطهر الحلي، ولا نعرف له نسخة خطية أو مطبوعة، سوى ما جاء في إحقاق الحق، ولم نجد هذه العبارة هناك.
(٥٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691