بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٣٦٧
أهل مكة؟. فقال: لا. قالت: فبحقي عليك إلا ما أخبرتني بحالك.. فقص عليها قصته مع ابن جذعان وما قاله وما وعده من الضيافة، فقالت: يا ولدي! لا تضيقن صدرك، معي مشار (1) عسل يقوم لك بكل ما تريد، فبينما هما في الحديث إذ دخل أبو طالب رضي الله عنه، فقال لزوجته: فيما أنتما؟. فأعلمته بذلك كله، وبما قال النبي صلى الله عليه وآله لا بن جذعان، فضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه، وقال: يا ولدي! بالله عليك لا تضيقن صدرك من ذلك، وفي نهار غد أقوم لك بجميع ما تحتاج إليه إن شاء الله تعالى، وأصنع وليمة تتحدث بها الركبان في سائر البلدان، وعزم على وليمة تعم سائر القبائل، وقصد نحو أخيه العباس ليقترض من ماله شيئا يضمه إلى ماله، فوجد بني عبد الطلب في الطريق فأقرضوه من الجمال والذهب ما يكفيه، فرجع عن القصد إلى أخيه العباس، وآثر التخفيف عنه، فبلغ أخاه العباس ذلك فعظم عليه رجوعه، فأقبل إلى أخيه أبي طالب - وهو مغموم كئيب حزين - فسلم عليه، فقال له أبو طالب: ما لي أراك حزينا كئيبا؟. قال: بلغني أنك قصدتني في حاجة ثم بدالك عنها فرجعت من الطريق، فما هذه الحال؟. فقص عليه القصة.. إلى آخرها، فقال له العباس: الامر إليك، وإنك لم تزل أهلا لكل مكرمة وموئلا (2) لكل نائبة، ثم جلس عنده ساعة وقد أخذ أبو طالب فيما يحتاج إليه من آلة الطبخ وغير ذلك، فقال له العباس: يا أخي! لي إليك حاجة؟. فقال له أبو طالب: هي مقضية، فاذكرها، فقال العباس: أقسمت عليك بحق البيت وشيبة الحمد (3) إلا ما (4) قضيتها، فقال:

(١) المشار: الخلية، كما جاء في القاموس المحيط ٢ / ٦٥، وانظر: الصحاح ٢ / ٧٠٤، وزاد: يشتار منها.
(٢) الموئل: الملجأ. قال في النهاية ٥ / ١٤٣:.. وقد وأل يئل فهو وائل: إذا التجأ إلى موضع ونجا.
ولاحظ: القاموس المحيط ٤ / ٦٢، والصحاح ٥ / ١٨٣٨، وغيرهما.
(٣) قال في مجمع البحرين ٢ / 95: شيبة الحمد.. هو عبد المطلب بن هاشم المطعم طير السماء، لأنه لما نحر فداء ابنه عبد الله مائة بعير فرقها على رؤوس الجبال، فأكلتها الطير.
(4) (ما) هنا مصدرية، أي إلا قضاءك إياها.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691