بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٣٩٥
وتترك إيوائه إليك، ومضاجعته بقرينة قسيمه، وهو قوله: " وتؤوي إليك من تشاء " أي تضمه إليك وتضاجعه، ثم لا يتعين ذلك عليك، بل لك بعد الارجاء أن تبتغي ممن عزلت ما شئت، وتؤويه إليك، وهذا ظاهر في عدم وجوب القسمة عليه صلى الله عليه وآله، حتى روي أن بعد نزول الآية ترك القسمة لجماعة من نسائه، وآوى إليه جماعة منهن معينات، وقال آخرون: بل تجب القسمة عليه كغيره لعموم الأدلة الدالة عليها، ولأنه لم يزل يقسم بين نسائه حتى كان يطاف به وهو مريض عليهن، ويقول: هذا قسمي فيما أملك، وأنت أعلم بما لا أملك، يعني قلبه صلى الله عليه وآله، والمحقق رحمه الله استضعف الاستدلال بالآية على عدم وجوب القسمة، بأنه كما يحتمل أن يكون المشية في الارجاء والايواء لجميع نسائه يحتمل أن يكون متعلقا بالواهبات أنفسهن خاصة، فلا يكون دليلا على التخيير مطلقا، وحينئذ فيكون اختيار قول ثالث وهو وجوب القسمة لمن تزوجهن بالعقد، و عدمها لمن وهبت نفسها، وفي هذا عندي نظر، لان ضمير الجمع المؤنث في قوله: ترجي من تشاء منهن " واللفظ العام في قوله: " ومن ابتغيت " لا يصح عوده للواهبات، لأنه لم يتقدم ذكر الهبة إلا لامرأة واحدة، وهي قوله: " وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها " فوجد ضمير الهبة في مواضع من الآية، ثم عقبه بقوله: " ترجي من تشاء منهن " فلا يحسن عوده إلى الواهبات، إذ لم يسبق لهن ذكر على وجه الجمع، بل إلى جميع الأزواج المذكورات في هذه الآية، وهي قوله تعالى: " يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك و بنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي (1) " الآية، ثم عقبها بقوله: " ترجي من تشاء منهن " الآية، وهذا هو ظاهر في عود ضمير النسوة المخير فيهن إلى من سبق من أزواجه جمع، وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وآله لم يتزوج بالهبة إلا امرأة واحدة على ما ذكره المحدثون والمفسرون، وهو المناسب لسياق الآية، فكيف يجعل ضمير الجمع عائدا إلى الواهبات، وليس له منهن إلا واحدة، ثم لو تنزلنا وسلمنا جواز عوده إلى الواهبات لما جاز حمله عليه بمجرد الاحتمال، مع وجود اللفظ العام

(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402