بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٣٩٤
التكليف، وليس هذا من باب التخفيفات، كما قاله الفقهاء، بل هو في حقه غاية التشديد (1) إذ لو كلف بذلك آحاد الناس لما فتحوا أعينهم في الشوارع خوفا من ذلك، ولهذا قالت عايشة: لو كان صلى الله عليه وآله يخفي آية لأخفى هذه.
الرابع: انعقاد نكاحه بغير ولي وشهود، وهو عندنا ثابت في حقه صلى الله عليه وآله وحق أمته (2) إذ لا نشترط نحن ذلك، وللشافعية وجهان.
الخامس: انعقاد نكاحه في الاحرام، وللشافعية فيه وجهان: أحدهما الجواز، لما روي أنه صلى الله عليه وآله نكح ميمونة محرما، والثاني المنع كما لم يحل له الوطئ في الاحرام، والمشهور عندهم أنه نكح ميمونة حلالا.
السادس: هل كان يجب عليه القسم بين زوجاته بحيث إذا باتت عند واحدة منهن ليلة وجب عليه أن يبيت عند الباقيات كذلك أم لا يجب؟ قال الشهيد الثاني رحمه الله: اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: لا يجب عليه ذلك لقوله تعالى: " ترجي من تشاء منهن و تؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك (3) " ومعنى ترجي تؤخر

(١) فيه تأمل واضح يعلم بمراجعة الآية وتفسيرها، ولعله يأتي الكلام فيه في بابه.
(٢) في ثبوت جواز النكاح بغير ولي مطلقا في حق أمته محل تأمل بل منع.
(٣) الأحزاب: ٥١. قال الطبرسي في معناه: أي تؤخر وتبعد من تشاء من أزواجك، وتضم إليك من تشاء منهن، واختلف في معناه على أقوال:
أحدها: أن المراد تقدم من تشاء من نسائك في الايواء إليك وهو الدعاء للفراش، وتؤخر من تشاء في ذلك، وتدخل من تشاء منهن في القسم، ولا تدخل من تشاء، عن قتادة، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم بين أزواجه وأباح الله له ترك ذلك.
ثانيها: أن المراد تعزل من تشاء منهن بغير طلاق، وترد إليك من تشاء منهن بعد عزلك إياها بلا تجديد عقد.
ثالثها: أن المراد تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء.
رابعها: أن المراد تترك نكاح من تشاء من نساء أمتك، وتنكح منهن من تشاء، عن الحسن، قال: وكان صلى الله عليه وآله إذا خطب امرأة لم يكن لغيره أن يخطبها حتى يتزوجها أو يتركها.
خامسها: تقبل من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن لك فتؤويها إليك، وتترك من تشاء منهن فلا تقبلهما.
" ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك " أي إن أردت أن تؤوى إليك امرأة ممن عزلتهن عن ذلك وتضمها إليك فلا سبيل عليك بلوم ولا عتب، ولا إثم عليك في ابتغائها، أباح الله سبحانه له ترك القسم في النساء حتى يؤخر من يشاء عن وقت نوبتها، ويطأ من يشاء في غير وقت نوبتها، وله أن يعزل من يشاء، وله أن يرد المعزولة إن شاء، فضله الله بذلك على جميع الخلق.
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402