بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ١٩٩
ومن عجيب أمره أنه كان أجمع الناس لدواعي الترفع، ثم كان أدناهم إلى التواضع، و ذلك أنه صلى الله عليه وآله كان أوسط الناس نسبا، وأوفرهم حسبا، وأسخاهم وأشجعهم وأزكاهم و أفصحهم، وهذه كلها من دواعي الترفع، ثم كان من تواضعه أنه كان يرقع الثوب، ويخصف النعل، ويركب الحمار، ويعلف الناضح (1)، ويجيب دعوة المملوك، ويجلس في الأرض، ويأكل في الأرض (2)، وكان يدعو إلى الله من غير زبر ولا كهر (3) ولا زجر، ولقد أحسن من مدحه في قوله.
فما حملت من ناقة فوق ظهرها * أبر وأوفى ذمة من محمد (4) وفي قوله تعالى: " قل لا أقول لكم عندي خزائن الله " أي خزائن رحمته، أو مقدوراته، أو أرزاق الخلائق " ولا أعلم الغيب " الذي يختص الله تعالى بعلمه، وإنما أعلم ما علمني " ولا أقول لكم إني ملك " أي لا أقدر على ما يقدر عليه الملك، فأشاهد من أمر الله وغيبه ما تشاهده الملائكة " إن أتبع إلا ما يوحى إلي " يريد ما أخبركم إلا بما أنزل الله إلي (5).
أقول: الحاصل أني لا أقدر أن آتيكم بمعجزة وآية إلا بما أقدرني الله عليه، و أذن لي فيه، ولا أعلم شيئا إلا بتعليمه تعالى، ولا أعلم شيئا من قبل نفسي إلا بإلهام أو وحي منه تعالى، ولا أقول: إني مبرأ من الصفات البشرية من الأكل والشرب وغير ذلك.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " خذ العفو " أي ما عفا من أموال الناس، أي ما فضل من النفقة، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يأخذ الفضل من أموالهم ليس فيها شئ موقت، ثم نزلت آية الزكاة فصار منسوخا بها، وقيل: معناه خذ العفو من أخلاق الناس،

(1) الناضح: البعير يستقى عليه.
(2) في المصدر: ويأكل على الأرض.
(3) زبره عن الامر: منعه ونهاه عنه، زبر السائل: انتهره. وفي المصدر: من غير زئر، وهو من زأر الأسد: صات من صدره. والكهر: استقبالك إنسانا بوجه عابس تهاونا به.
(4) مجمع البيان 2: 526 و 527. وفي المنقول اختصار وكذا في ما يأتي.
(5) مجمع البيان 4: 304.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402