بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٤٩
الذي قاله الزجاج يقوي ما قاله أصحابنا إن آزر كان جد إبراهيم لامه (1) أو كان عمه من حيث صح عندهم أن آباء النبي صلوات الله عليهم إلى آدم كلهم كانوا موحدين، و أجمعت الطائفة على ذلك انتهى. (2) أقول: الأخبار الدالة على إسلام آباء النبي صلوات الله عليهم من طرق الشيعة مستفيضة بل متواترة، وقد عرفت إجماع الفرقة المحقة على إسلام ولد إبراهيم بنقل المخالف والمؤالف، فالأخبار الدالة على أنه كان آباه حقيقة محمولة على التقية. (3) الثانية في قول إبراهيم عليه السلام " إني سقيم " واختلف في معناه على أقوال:
أحدها: أنه عليه السلام نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمى كانت تعتورة، فقال " إني سقيم " أراد أنه قد حضر وقت علته وزمان نوبتها، فكأنه قال: إني سأسقم لا محالة وحان الوقت الذي يعتريني فيه الحمى، وقد يسمى المشارف للشئ باسم الداخل فيه، قال الله تعالى: " إنك ميت وأنهم ميتون " (4) وثانيها: أنه نظر في النجوم كنظرهم لأنهم كانوا يتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنه يقول بمثل قولهم فقال عند ذلك: " إني سقيم " فتركوه ظنا منهم أن نجمه يدل على سقمه.
وثالثها: أن يكون الله أعلمه بالوحي أنه سيسقمه في وقت مستقبل، وجعل العلامة على ذلك إما طلوع نجم على وجه مخصوص، أو اتصاله بآخر على وجه مخصوص، فلما رأى إبراهيم تلك الامارة قال: " إني سقيم " تصديقا لما أخبره الله تعالى.

(١) قال المسعودي في اثبات الوصية: وقام تارخ وهو أبو إبراهيم الخليل بالامر في أربع وستين سنة من ملك رهو بن طهمسعان. وفى رواية أخرى أربع وثمانين سنة وهو نمرود، وروى عن العالم أنه قال: إن آزر كان جد إبراهيم لامه منجما لنمرود وهورهو بن طهمسعان، ومضى تارخ و إبراهيم مولود صغير.
(٢) مجمع البيان ٤: ٣٢١ - ٣٢٢. م (٣) وحيث أطلق الأب في القرآن الكريم على العم أو جد الام مجازا فالأئمة صلوات الله عليهم اتبعوا القرآن فاستعملوا لفظة أب وأرادوا العم أوجد الام حتى لا يكون كلامهم مخالفا للكتاب العزيز.
(٤) الزمر: ٣٠.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست