بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ١٨٩
يأكلون معه شيئا غيره، وهم لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل الذي خلقهم، وإذا أخطأهم التنين قحطوا وأجدبوا وجاعوا وانقطع النسل والولد، وهم يتسافدون (1) كما تتسافد البهائم على ظهر الطريق وحيث ما التقوا، فإذا أخطأهم التنين جاعوا وساحوا في البلاد فلا يدعون شيئا أتوا عليه إلا أفسدوه وأكلوه، فهم أشد فسادا فيما أتوا عليه من الأرض من الجراد والبرد والآفات كلها، وإذا أقبلوا من أرض إلى أرض جلا أهلها عنها وخلوها، وليس يغلبون ولا يدفعون حتى لا يجد أحد من خلق الله موضعا لقدمه، ولا يخلو للانسان قدر مجلسه، ولا يدري أحد من خلق الله كم من أولهم إلى آخرهم، ولا يستطيع شئ من خلق الله أن ينظر إليهم، ولا يدنو منهم نجاسة وقذرا وسوء حلية فبهذا غلبوا، ولهم حس وحنين إذا أقبلوا إلى الأرض يسمع حسهم من مسيرة مائة فرسخ لكثرتهم، كما يسمع حس الريح البعيدة أو حس المطر البعيد، ولهم همهمة إذا وقعوا في البلاد كهمهمة النحل إلا أنه أشد وأعلى صوتا، يملأ الأرض حتى لا يكاد أحد يسمع من أجل ذلك الهمهمة شيئا، وإذا أقبلوا إلى الأرض حاشوا وحوشها وسباعها حتى لا يبقى فيها شئ منها، وذلك لأنهم يملؤون ما بين أقطارها، ولا يتخلف وراءهم من ساكن الأرض شئ فيه روح إلا اجتلبوه (2) من قبل أنهم أكثر من كل شئ، وأمرهم عجب من العجب، وليس منهم أحد إلا وقد عرف متى يموت، وذلك من قبل أنه لا يموت منهم ذكر حتى يولد له ألف ولد، ولا يموت منهم أنثى حتى تلد ألف ولد، فبذلك عرفوا آجالهم، فإذا ولدوا الألف برزوا للموت وتركوا طلب ما كانوا فيه من المعيشة والحياة، فتلك قصتهم من يوم خلقهم الله تعالى إلى يوم يفنيهم. (3) ثم إنهم أجفلوا (4) في زمان ذي القرنين يدورون أرضا أرضا من الأرضين، وأمة أمة من الأمم وهم إذا توجهوا الوجه لم يعدلوا عنه أبدا، ولا ينصرفوا يمينا وشمالا، (5)

(1) أي يجامعون.
(2) في المصدر: الا احتلفوه (اجتلبوه خ ل) اجتلبوه أي جاؤوا به. واختلفوا: أخذه من خلفه.
واختلف إلى المكان: تردد.
(3) في نسخة: إلى يوم القيامة يفنيهم.
(4) في المصدر: جعلوا م.
(5) في نسخة: ولا شمالا.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست