بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ١٥٠
وبشر إبراهيم عليه السلام بعد ذلك بإسحاق، ومر في باب الذبح قوله تعالى: " سلاما " أي نسلم عليك سلاما أو سلمنا سلاما.
قوله: " أبشرتموني على أن مسني الكبر " تعجب من أن يولد له مع الكبر " فبم تبشرون " أي فبأي أعجوبة تبشروني، أو أبأمر الله أم من جهة أنفسكم; وكان استعجابه عليه السلام باعتبار العادة دون القدرة; وقيل: كان غرضه أن يعلم أنه هل يولد له على تلك الحال أو يرد إلى الشباب. قوله: " فما خطبكم " أي فما شأنكم الذي أرسلتم لأجله سوى البشارة. قوله تعالى: " لمن الغابرين " أي الباقين مع الكفرة لتهلك معهم. قوله:
" منكرون " أي ينكركم نفسي وينفر عنكم مخافة أن تطرقوني، أو لا أعرفكم فعرفوني أنفسكم. قوله: " بما كانوا فيه يمترون " أي بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه إذا وعدتهم " فأسر بأهلك " أي فاذهب بهم الليل " بقطع من الليل " في طائفة من الليل; وقيل: في آخره، وعلى الأول يحمل تفسيره عليه السلام أي المراد بقطع نصف الليل. وقوله: " إلا امرأتك " ليس في خلال تلك الآيات، (1) وإنما ذكره عليه السلام لبيان أنه كان المراد بالأهل غيرها، أو أنها هلكت في حال الخروج حيث التفتت فأصابها العذاب كما روي. قوله: " إن دابر هؤلاء " أي آخر من يبقى منهم يهلك وقت الصبح، أي إنهم مستأصلون بالعذاب وقت الصباح على وجه لا يبقى منهم أثر ولا نسل ولا عقب.
وقال الفيروزآبادي: حنذ الشاة يحنذها حنذا وتحناذا: شواها، وجعل فوقها حجارة محماة لينضجها فهي حنيذ، أو هو الحال (2) الذي يقطر ماؤه انتهى.
والايجاس: الادراك أو الاضمار. اختلف في سبب الخوف فقيل: إنه لما رآهم شبانا أقوياء وكان ينزل طرفا من البلد وكانوا يمتنعون من تناول طعامه لم يأمن أن يكون ذلك لبلاء، وذلك أن أهل ذلك الزمان إذا أكل بعضهم طعام بعض أمنه صاحب الطعام على نفسه وماله، ولهذا يقال: تحرم فلان بطعامنا، أي أثبتت الحرمة بيننا بأكله الطعام; و قيل: إنه ظنهم لصوصا يريدون به سوءا; وقيل إنه ظن أنهم ليسوا من البشر جاؤوا لأمر عظيم; وقيل: علم أنهم ملائكة فخاف أن يكون قومه المقصودين بالعذاب حتى

(1) راجع ما قدمنا ذيل الآيات.
(2) كذا في النسخ، وفى القاموس أو هو الحار الذي اه‍. م
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست