بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٤
فثبت لما ذكرنا أن أول الآية وآخرها يدل على أن الذبيح هو إسحاق عليه السلام.
الحجة الثانية: ما اشتهر من كتاب يعقوب عليه السلام: (1) من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله.
فهذا جملة الكلام في هذا الباب، وكان الزجاج يقول: الله أعلم أيهما الذبيح.
واعلم أنه يتفرع على ما ذكرناه اختلافهم في موضع الذبح، فالذين قالوا: الذبيح هو إسماعيل قالوا: كان المذبح بمنى، والذين قالوا: إنه إسحاق قالوا: هو بالشام، وقيل بيت المقدس. والله أعلم انتهى. (2) وقال الشيخ أمين الدين الطبرسي قدس الله روحه بعد ذكر القولين: وكلا القولين قد رواه أصحابنا عن أئمتنا عليهم السلام إلا أن الأظهر في الروايات أنه إسماعيل. ثم ذكر بعض ما مر من الوجوه ثم قال: وحجة من قال: إنه إسحاق أن أهل الكتابين أجمعوا على ذلك، وجوابه أن إجماعهم ليس بحجة، وقولهم غير مقبول، وروى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي (3) قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز فسألني عن الذبيح، فقلت: إسماعيل و استدللت بقوله: " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين " فأرسل إلى رجل بالشام كان يهوديا وأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علماء اليهود فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك وأنا عنده فقال: إسماعيل، ثم قال: والله يا أمير المؤمنين إن اليهود ليعلم ذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أبوكم الذي كان من أمر الله فيه ما كان، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لان إسحاق أبوهم انتهى. (4) أقول: لا يخفى ضعف ما احتجوا به على القول الأخير سوى الأخبار الدالة على ذلك لكن يعارضها ما هو أكثر وأصح منها، ويؤيدها ما ذكر من الوجوه أولا وإن كان بعضها لا يخلو من وهن، واشتهار هذا القول بين علماء الشيعة ومحدثيهم في جميع الأعصار.

(1) في المصدر: من كتاب يعقوب عليه السلام إلى يوسف. م (2) مفاتيح الغيب 7: 155 - 156. م (3) بضم القاف وفتح الراء نسبة إلى قريظة.
(4) مجمع البيان 8: 453. م
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست