بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٢
محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ فقال: نعم، فنزلت. والمروي عن الصادق عليه السلام أنه كان أبي بن خلف.
وقال الرازي في تفسير هذه الآيات: " أولم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة " وهو أتم نعمه فإن سائر النعم بعد وجوده، وقوله: " من نطفة " إشارة إلى وجه الدلالة وذلك لان خلقه لو كان من أشياء مختلفة الصور كان يمكن أن يقال: العظم خلق من جنس صلب واللحم من جنس رخو، وكذلك الحال في كل عضو، ولما كان خلقه من نطفة متشابهة الاجزاء وهو مختلف الصور دل على الاختيار والقدرة، وإلى هذا أشار بقوله تعالى: " يسقى بماء واحد " وقوله: " فإذا هو خصيم مبين " فيه لطيفة غريبة وهي أنه تعالى قال: اختلاف صور أعضائه مع تشابه أجزاء ما خلق منه آية ظاهرة، ومع هذا فهنالك ما هو أظهر وهو نطقه وفهمه، وذلك لان النطفة جسم، فهب أن جاهلا يقول: إنه استحال و تكون جسما آخر، لكن القوة الناطقة والقوة الفاهمة من أين تقتضيها النطفة؟
فإبداع النطق والفهم أعجب وأغرب من إبداع الخلق والجسم، وهو إلى إدراك القدرة والاختيار منه أقرب، فقوله: " خصيم " أي ناطق، وإنما ذكر الخصيم مكان الناطق لأنه أعلى أحوال الناطق فإن الناطق مع نفسه لا يبين كلامه مثل ما يبينه وهو يتكلم مع غيره، والمتكلم مع غيره إذا لم يكن خصيما لا يبين ولا يجتهد مثل ما يجتهد إذا كان كلامه مع خصمه، وقوله: " مبين " إشارة إلى قوة عقله واختيار الإبانة، فإن العاقل عند الافهام أعلى درجة منه عند عدمه، لان المبين بان عنده الشئ ثم أبانه، فأن العاقل عند الافهام أعلى درجة منه عند عدمه، لان المبين بان عنده الشئ ثم أبانه، فقوله تعالى:
" من نطفة ": إشارة إلى أدنى ما كان عليه، وقوله: " خصيم مبين " إشارة إلى أعلى ما حصل عليه، ثم قوله تعالى: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه " إشارة إلى بيان الحشر، وفي هذه الآيات إلى آخر السورة غرائب وعجائب نذكرها بقدر الامكان إن شاء الله تعالى، فنقول:
المنكرون للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلا ولا شبهة واكتفى بالاستبعاد و ادعى الضرورة وهم الأكثرون، ويدل عليه قوله تعالى حكاية عنهم في كثير من المواضع بلفظ الاستبعاد كما قال: " وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326