بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٤
ينفخ فيها روحه، وكذلك يجمع الاجزاء المتفرقة في البقاع المتبددة في الأصقاع بحكمته الشاملة وقدرته الكاملة، ثم إنه تعالى عاد إلى تقرير ما تقدم من دفع استبعادهم وإبطال إنكارهم وعنادهم فقال: " الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا " ووجهه هو أن الانسان مشتمل على جسم يحس به وحياة سارية فيه وهو الحرارة جارية فيه فإن استبعدتم وجود حرارة وحياة فيه فلا تستبعدوه فإن النار في الشجر الأخضر الذي يقطر منه الماء أعجب وأغرب، وأنتم تحضرون حيث منه توقدون، وإن استبعدتم خلق جسمه فخلق السماوات والأرض أكبر من خلق أنفسكم فلا تستبعدوه، فإن الله خلق السماوات والأرض، فبان لطف قوله تعالى: " الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون " وقوله: " أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم " وقد ذكر النار في الشجر على ذكر الخلق الأكبر، لان استبعادهم كان بالصريح واقعا على الاحياء حيث قالوا: من يحيي العظام؟ ولم يقولوا:
من يجمعها ويؤلفها؟ والنار في الشجر مناسب الحياة، وقوله: " الخلاق " إشارة إلى أنه في القدرة كامل، وقوله: " العليم " إشارة إلى أنه بعلمه شامل، ثم أكد بيانه بقوله:
" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " هذا إظهار فساد تمثيلهم وتشبيههم وضرب مثلهم حيث ضربوا لله مثلا وقالوا: لا يقدر أحد على مثل هذا قياسا للغائب على الشاهد، فقال في الشاهد الخلق يكون بالآلات البدنية والانتقالات المكانية فلا تقع إلا في الأزمنة الممتدة والله يخلق بكن فيكون انتهى.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " وأنتم داخرون ": أي صاغرون أشد الصغار، ثم ذكر إن بعثهم يقع بزجرة واحدة فقال: " فإنما هي " إي إنما قصة البعث " زجرة واحدة " أي صيحة واحدة من إسرافيل يعني نفخة البعث، والزجرة: الصرفة عن الشئ بالمخافة، فكأنهم زجروا عن الحال التي هم فيها إلى المحشر " فإذا هم ينظرون " إلى البعث الذي كذبوا به، وقيل: فإذا هم أحياء ينتظرون ما ينزل بهم من العذاب " وقالوا " أي ويقولون معترفين بالعصيان: " يا ويلنا " من العذاب، وهو كلمة يقولها القائل عند الوقوع في الهلكة " هذا يوم الدين " أي يوم الحساب أو يوم الجزاء " هذا يوم
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326