كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٧٣
يحبوه التحف ويمنحه الطرف ويعد قريشا به ويخبرهم بما يكون من حاله إلى أن دنت وفاته فوضعه في حجر أبي طالب وأوصاه به وامره بحياطته ورعايته وعرفه ما يكون من امره ثم توفى عبد المطلب رضوان الله عليه في شهر ربيع الأول وللنبي صلى الله عليه وآله ثماني سنين من عمره فكفله أبو طالب أحسن كفالة ولم يكن له يومئذ ولد وكانت امرأته فاطمة بنت أسد بن هاشم المعروفة بسودة الفاضلة فتولت معه تربيته واحسنا جميعا حياطته ورعايته واتخذاه لأنفسهما ولدا ولم يؤثرا في المحبة عليه أحدا وقد شغفا بواضح دلالته وذهلا من ظاهر حجته و الكهان مع ذلك يخبرونه بشأنه ويتعجبون من جلي برهانه ويبشرون أبا طالب بأمره وبانه سيكفل ولدا له من ظهره ثم نشأ صلى الله عليه وآله نشوءا يحير أهل عصره يحضر مشاهد قريش كلها غير السجود للأصنام والعبادة لها وشرب الخمر ونظم الشعر وافتعال الكذب والاشتغال باللعب إلى أن أظهر الله امره وأعلى قدره وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا (فصل في ذكر شئ من معجزات رسول الله صلى الله عليه وآله وباهر آياته) فمن ذلك أنه دعا شجرة فجاءت تخد الأرض ثم أشار إليها فرجعت ومن ذلك أنه مسح شطري ضرع العناق وهما ملتصقان لا لبن فيهما فدر وحلب منه لبن كثير هذا في هجرته إلى المدينة وذلك مشتهر قد أتت به الاخبار وقيل فيه الاشعار ومن ذلك رمي الحصى في وجوه الأعداء يوم بدر فنالهم في عيونهم ما نالهم وكانت في الحال هزيمتهم وانزل الله سبحانه * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * الأنفال وفعل مثل ذلك يوم حنين وقال شاهت الوجوه فانهزم المشركون بأسرهم ومن ذلك اخباره عن العير التي جاءت من الشام وحال القوم وافعالهم وما معهم من متاعهم وكثير من كلامهم ومن ذلك كلام الذئب والجر أيضا معروف ومن ذلك الميضاة التي وضع فيها يده وفيها شئ يسير من الماء فشرب منه خلق كثير وتوضأوا منه ومن ذلك ان ناقة ضلت من صاحبها في بعض أسفاره فقال المنافقون لو كان نبيا لعلم أين الناقة فبلغه ذلك فقال الغيب لا يعلمه إلا الله انطلق يا فلان لصاحب الناقة فان ناقتك بمكان كذا قد تعلق زمامها بالشجرة فوجدها كما قال صلى الله عليه وآله ومن ذلك أنه أقام بتبوك فنفدت أزوادهم فأمرهم عليه السلام فجمعوا ما بقي منها ثم أمر بانطاع فبسطت وقال من كان عنده فضل زاد فليأتنا به فكان الرجل يأتي بالمد الدقيق والسويق والقليل من الخبز فيوضع كل صنف على حدة فكان جميع ذلك قليلا ثم
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»