كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٦٩
من النار فإن قال قد روى أنه رآها تلوح فقال ويل للأعقاب من النار قيل له وليس لك في هذا أيضا حجة ولا فيه ذكر لوضوء في طهارة وبعد فقد يجوز ان يكون رأي قوما غسلوا أرجلهم في الوضوء عوضا عن مسحها ورأى اعقابهم يلوح عليها الماء فقال ويل للأعقاب من النار ويجوز أيضا ان يكون رأي قوما اغتسلوا من جنابة ولم يغمس الماء جميع أرجلهم ولاحت اعقابهم بغير ماء فقال ويل للأعقاب من النار ويمكن أيضا ان يكون ذلك في الوضوء لقوم من طغام العرب مخصوصين كانوا يمشون حفاة فتشقق اعقابهم فيداوونها بالبول على قديم عادتهم ثم يتوضؤون ولا يغسلون أرجلهم قبل الوضوء من آثار النجس فتوعدهم النبي صلى الله عليه وآله بما قال وكل هذا في حيز الامكان ثم يقال له وقد قابل ما رويت اخبار هي أصح وأثبت في النظر والمصير إليها أولي لموافقة ظاهرها لكتاب الله تعالى فمنها ان النبي صلى الله عليه وآله قام بحيث يراه أصحابه ثم توضأ فغسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه ورجليه ومنها ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال للناس في الرحبة الا أدلكم على وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا بلى فدعا بعقب فيه ماء فغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثا فإن قال الخصم ما مراده بقوله وضوء من لم يحدث حدثا وهل هذا إلا دليل على أنه قد كان على وضوء قبله قيل له مراده بذلك انه الوضوء الصحيح الذي كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وآله وليس هو وضوء من غير واحدث في الشريعة ما ليس منها ويدل على صحة هذا التأويل وفساد ما توهمه الخصم انه قصد ان يريهم فرضا يعولون عليه ويقتدون به فيه ولو كان على وضوء قبل ذلك لكان لم يعلمهم الفرض الذي هم أحوج إليه ومن ذلك ما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله ما نزل القرآن إلا بالمسح ولا يجوز ان يكون أراد بذلك إلا مسح الرجلين لأن مسح الرؤوس لا خلاف فيه ومنه قول ابن عباس رحمه الله نزل القرآن بغسلين ومسحين ومن ذلك اجماع آل محمد عليهم السلام على مسح الرجلين دون غسلهما وهم الأئمة والقدوة في الدين لا يفارقون كتاب الله عز وجل إلى يوم القيامة وفيما أوردناه كفاية و الحمد لله (سؤال) فإن قال قائل فلم ذهبتم في مسح الرأس والرجلين إلى التبعيض (جواب) قيل له لما دل عليه من ذلك كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله إما دليل مسح بعض الرأس فقول الله تعالى وامسحوا برؤوسكم فادخل الباء التي هي علامة التبعيض وهي التي تدخل على الكلام مع استغنائه في إفادة المعنى عنها فتكون زائدة لأنه لو قال وامسحوا رؤوسكم لكان الكلام صحيحا ووجب مسح جميع الرأس فلما دخلت الباء التي يفتقر الفعل في تعديته
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»