كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٧٢
قائما وسمعت منه تكبيرا عجبا يقول الله أكبر رب محمد المصطفى الان قد طهرني ربي من أنجاس المشركين وأرجاس الجاهلية فحرت من ذلك حتى ظننت اني نائم ثم إن عبد المطلب اتي آمنة رضوان الله عليها فسألها عن حالها فأخبرته بولادتها والآيات التي رأتها فقال لها أريني المولود فقالت لا سبيل لاحد إلى رؤيته حتى تمضي ثلاثة أيام فعند ذلك جرد سيفه ليقتل نفسه فقالت هو في ذلك البيت ادخل ان أحببت ان تراه فلما دخل عبد المطلب تراءى له رجل وقال إليك يا عبد المطلب لا سبيل لك إلى رؤيته حتى تنقطع عنه زيارة الملائكة وكانت ولادته صلى الله عليه وآله يوم الجمعة عند طلوع الفجر في اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول عام الفيل بمكة في شعب أبي طالب رضوان الله عليه وهذا اليوم الذي ولد فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عظيم الشرف جليل القدر ولم يزل آل محمد عليهم السلام يعظمونه ويرعون حرمته ويتطوعون بصيامه والصدقة فيه وروى أن من صامه كتب الله له صيام سنة و لما صار له صلى الله عليه وآله شهران توفي أبوه عبد الله بن عبد المطلب رضوان الله عليه عند أخواله بالمدينة وكذلك ماتت امه رحمة الله عليها وهو طفل وروي ان الله تعالى أيتم نبيه صلى الله عليه وآله لئلا تجري عليه رئاسة لاحد من الناس وشرف الله تعالى حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية برضاعه وخصها بتربيته وكانت ذات عقل وفضل فروت من آياته ما يبهر عقول السامعين وأغناها الله ببركته في الدنيا والدين وكان لا يرضع إلا من ثديها اليمين قال ابن عباس رضي الله عنه الهم العدل حتى في رضاعه لأنه علم أن له شريكا فناصفه عدلا منه صلى الله عليه وآله قالت حليمة فكان ثديي اليمين لرسول الله واليسار لولدي ضميرة وكان ولدي لا يشرب حتى يراه قد شرب قالت ولم أر قط ما يرى للأطفال طهارة ونظافة وإنما كان له وقت واحد ثم لا يعود إلى وقته من الغد وما كان شئ أبغض إليه من أن يرى جسده مكشوفا فكنت إذا كشفته يصيح حتى استر عليه وروى عنها انها قالت سمعته لما تمت له سنة يتكلم بكلام لم اسمع أحسن منه سمعته يقول قدوس قدوس نامت العيون والرحمن لا تأخذه سنة ولا نوم ولقد ناولتني امرأة كف تمر من صدقة فناولته منه وهو ابن ثلاث سنين فرده علي وقال يا أمة الله لا تأكلي الصدقة فقد عظمت نعمتك وكثر خيرك فاني لا آكل الصدقة قالت فوالله ما قبلتها بعد ذلك من أحد من العالمين وكان بنو سعيد يرون البركات بمقامه معهم وسكناه بينهم حتى أنهم كانوا إذا عرض لدوابهم بؤس اتوا بها إليه ليمسها بيده فيزول ما بها وتعود إلى أحسن حالها ولم يزل كذلك الا ان ردته حليمة إلى أهله فاشتمل عليه جده عبد المطلب
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»