كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٦٥
لهم في العدد وذلك أن ابن كثير وأبا عمرو وأبا بكر وحمزة عن عاصم قرأوا أرجلكم بالجر ونافعا وابن عامر والكسائي وحفصا عن عاصم قرأوا وأرجلكم بالنصب وقد ذكر العلماء بالعربية ان العطف من حقه ان يكون على أقرب مذكور دون ابعده هذا هو الأصل وما سواه عندهم تعسف وانصراف عن حقيقة الكلام إلى التجوز من غير ضرورة تلجئ إلى ذلك وفيه ايقاع للبس وربما صرف المعنى عن مراد القائل الا ترى ان رئيسا لو اقبل على صاحب له فقال له أكرم زيدا وعمرا واضرب بكرا وخالدا كان الواجب على الصاحب ان يميز بين الجملتين من الكلام ويعلم انه ابتداء في كل واحدة منهما ابتداء عطف باقي الجملة عليه دون غيره وان بكرا في الجملة الثانية معطوف على خالد كما أن عمرا في الجملة الأولى معطوف على زيد ولو ذهب هذا المأمور إلى أن بكرا معطوف على عمرو لكان قد انصرف عن الحقيقة ومفهوم الكلام في ظاهره وتعسف تعسفا صرف به الامر عن مراد الامر به فأداه ذلك إلى اكرام من أمر بضربه (ووجه آخر) وهو ان القراءة بنصب الأرجل غير موجبة أن تكون معطوفة على الأيدي بل تكون معطوفة على الرؤوس في المعنى دون اللفظ لأن موضع الرؤوس نصب لوقوع الفعل الذي هو المسح وإنما انجرت بعارض وهو الباء و العطف على الموضع دون اللفظ جائز مستعمل في لغة العرب الا تراهم يقولون مررت بزيد وعمرا ولست بقائم ولا قاعدا قال الشاعر * معاوي اننا بشر فاسحج * فلسنا بالجبال ولا الحديدا * والنصب في هذه الأمثلة كلها إنما هو العطف على الموضع دون اللفظ فيكون على هذا من قرا الآية بنصب الأرجل كمن قراها بجرها وهي في القرآن جميعا معطوفة على الرؤوس التي هي أقرب إليها في الذكر من الأيدي ويخرج ذلك عن طريق التعسف ويجب المسح بهما جميعا والحمد لله (وشئ آخر) وهو ان حمل الأرجل في النصب على أن تكون معطوفة على الرؤوس أولي من حملها على أن تكون معطوفة على الأيدي وذلك أن الآية قد قرئت بالجر والنصب معا والجر موجب للمسح لأنه عطف على الرؤوس فمن جعل النصب إنما هو لعطف الأرجل على الأيدي أوجب الغسل وأبطل حكم القراءة بالجر الموجب للمسح ومن جعل النصب إنما هو لعطف الأرجل على موضع الرؤوس أوجب المسح الذي أوجبه الجر فكان مستعملا للقرائتين جميعا غير مبطل لشئ منهما ومن استعملهما فهو أسعد ممن استعمل أحدهما (فإن قيل) ما أنكرتم ان يكون استعمال القرائتين انما هو بغسل الرجلين وهو أحوط في الدين وذلك أن الغسل يأتي على المسح ويزيد عليه فالمسح داخل فيه فمن غسل فكانما مسح وغسل وليس كذلك من مسح لأن الغسل غير داخل في المسح (قلنا) هذا غير صحيح لأن الغسل
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»