شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢٩١
جعفر (عليه السلام) يعلم ما في النفوس كما يقول شيعته.
* الأصل:
7 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال: استأذن على أبي جعفر (عليه السلام) قوم من أهل النواحي من الشيعة فأذن لهم، فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة (1) فأجاب (عليه السلام) وله عشر سنين.

١ - قوله «عن ثلاثين ألف مسألة» سكت الشارح عن هذا الخبر لأنه كلام إبراهيم بن هاشم غير منقول عن معصوم حتى يحتاج إلى توجيه ما يرى فيه من المحال ظاهرا إذ لا يبعد الخطأ من إبراهيم بن هاشم وذكره صاحب الكافي لأن المبالغات الواردة في كلام الناس يدل على صفة في المنقول عنه في الجملة مثلا بالغوافي أبي علي بن سينا بأنه كان يسمع من بخارا أصوات أواني النحاس بيد الصناع في كاشان، وفي أبي ريحان البيروني بأنه استخرج من حساب النجوم أن السلطان لا يخرج من أبواب البيت أصلا فثلم السلطان ناحية من الجدار وخرج من الثلمة وهذه المبالغات تدل على صفة في ابن سينا هي الفطانة ومهارة في أبي ريحان في النجوم إذ لا يبالغ إلا في صفة ثابتة، وهكذا هنا المبالغة في الإجابة عن ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد تدل على وجود هذه الصفة أعنى التسريع في جواب المسائل في الإمام (عليه السلام).
والعلامة المجلسي - رحمه الله - أورد الإشكال بأن ثلاثين ألف مسألة إن فرض الجواب عن كل مسألة بيتا واحدا أعني خمسين حرفا لكان أكثر من ثلاث ختمات للقرآن فكيف يمكن ذلك في مجلس واحد وأجاب بوجوه: الأول الحمل على المبالغة في كثرة الأسئلة والأجوبة وهو ما ذكرنا. الثاني أنه يمكن أن يكون في خواطر القوم أسئلة كثيرة متفقة فلما أجاب (عليه السلام) عن واحد فقد أجاب عن الجميع. الثالث أجاب بكلمات موجزة مشتملة على أحكام كثيرة جدا. الرابع أن يكون المراد بوحدة المجلس الوحدة النوعية أو مكان واحد كمنى وإن كان في أيام متعددة، الخامس أن يكون مبنيا على بسط الزمان الذي يقول به الصوفية وأجاب بجوابين آخرين أيضا لم أفهم معناهما وما نقلتهما ولا حاجة إلى توجيه كلام إبراهيم بن هاشم بهذه التكلفات ولم يقل أحد بعصمته بل لم يصرحوا بصحة أحاديثه بل عدوه من الحسان.
وقد روى المفيد عليه الرحمة في الاختصاص هذا الخبر مفصلا في الصفحة ١٠٢ والمستفاد منه أن هذا المجلس كان في مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) بحضور عمه عبد الله بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) بعد أن عجز وغلط عن جواب مسائل الحاضرين وكان إبراهيم بن هاشم في جماعة من الحجاج دخلوا عليه (عليه السلام) بعد وفاة أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وكان لأبي جعفر (عليه السلام) تسع سنين ولم يكن المجلس في منى ولا وحدة نوعية في المكان ولا أياما متعددة ولا كان يسمع المجلس ثلاثين ألف نفس ولا طومار ولا كتاب أما وقوع مثل هذا المجلس فلا شك فيه لأن عادة الشيعة بعد مضى إمام أن يبحثوا عن الحجة بعده ويبعثوا جماعة من ثقاتهم وامنائهم إلى المدينة ليتفحصوا ويختبروا ويأتوا بالخبر الصحيح وكان أهل الكوفة مقدمين على ذلك، فأصل المجلس والسؤال والإجابة والاختبار والمجيء ببشارة الإمامة كلها حق وحضور إبراهيم بن هاشم وهو من أهل الكوفة في ذلك المجلس غير بعيد ولو لم يكن هذا الخبر أيضا كنا نعلم أن جماعة من شيعة الكوفة وغيرها من البلاد ذهبوا إلى المدينة واختبروا أبا جعفر (عليه السلام) وجاؤوا بالخبر الصحيح المقنع وإلا لم يكن الشيعة يتفقون على إمامته، ومن الغفلة أن يرد الأخبار برمتها أو تقبل بكليتها بل يجب التدبر فرب واقعة لا يشك فيها رويت بعبارة لا يصح جميعها فالرد المطلق والقبول المطلق كلاهما جهل وبينهما واسطة وقد اتفق لكل أحد أن سمع خبرا تيقن صحة بعضه وبطلان بعضه وشك في بعضه وسمعت أن رجلا كنت أعرفه مات ووصى بمال لصهره وشئ من البر في سبيل الله فأيقنت موته وبطلان الوصية لصهره إذ كنت عالما بأنه لا صهر له وشككت في باقي الوصية.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417