شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٣٨
والمصالح، ومن هذا القبيل إيجاد الحوادث اليومية، ويقرب منه قول ابن الأثير: «في حديث الأقرع والأبرص والأعمى: بدا لله عز وجل أن يبتليهم أي قضى بذلك وهو معنى البداء هاهنا; لأن القضاء سابق والبداء استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم وذلك على الله عز وجل محال غير جايز، ولعله أراد بالقضاء: الحكم بالوجود، وأراد بكونه سابقا أن العلم به سابق، كما يرشد إليه ظاهر التعليل المذكور بعده، فلا يرد عليه ما أورده بعض الأصحاب من أن هذا القول ركيك جدا; لأن القضاء السابق متعلق بكل شيء، وليس البداء في كل شيء بل فيما يبدو ثانيا ويتجدد أخيرا.
ومنها: ترجيح أحد المتقابلين والحكم بوجوده بعد تعلق الإرادة بهما تعلقا غير حتمي (1) لرجحان مصلحته وشروطه على مصلحة الآخر وشروطه، ومن هذا القبيل إجابة الداعي وتحقيق مطالبه وتطويل العمر بصلة الرحم وإرادة إبقاء قوم بعد إرادة إهلاكهم، وقد قال مولانا أبو الحسن

1 - قوله: «تعلقا غير حتمي» هذا من طغيان القلم أو سهو وذهول من القائل وليس أحد معصوما عن الخطأ ولا يجوز على الله تعالى إلا الحتم والحكم ولا يقبل قضائه الترديد، وكما أن الندامة عليه تعالى محال كذلك التردد بل كل ما تعلق علمه وإرادته به فهو كما هو من الأزل ولم يحصل القطع بعد الترديد، فإن قيل: فما معنى إجابة الدعاء وتطويل العمر بصلة الرحم وأمثال ذلك؟
قلنا: الأمر فيه كالأمر في ساير الأسباب، فكما تعلق ارادته تعالى بإرسال السحاب ونزول المطر بسببه كذلك تعلق علمه وارادته بصلة الرحم من فلان وطول عمره بالصلة وأنه لو لم يصل رحمه لم يطل عمره كما أنه لو لم يرسل السحاب لم ينزل المطر، فقصر العمر إنما هو على فرض عدم صلة الرحم وطوله على فرض الصلة، والثاني هو الواقع وتعلق علمه بالثاني، وسيجئ له مزيد توضيح إن شاء الله. (ش)
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست