شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢١٩
باب النهي عن الجسم والصورة * الأصل:
1 - أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم صمدي نوري، معرفته ضرورة، يمن بها على من يشاء من خلقه فقال (عليه السلام): سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا يحد ولا يحس ولا يجس ولا تدركه [الأبصار ولا] الحواس، ولا يحيط به شيء. ولا جسم، ولا صورة، ولا تخطيط، ولا تحديد.
* الشرح:
(أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن علي ابن أبي حمزة) قال العلامة: علي بن أبي حمزة أحد عمد الواقفية. قال الشيخ الطوسي في عدة مواضع إنه واقفي، وقال أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال، علي بن أبي حمزة كذاب متهم ملعون قد رويت عند أحاديث كثيرة إلا أني لا أستحل أن أروي عنه حديثا واحدا، وقال ابن الغضايري: علي بن أبي حمزة لعنه الله أصل الوقف وأشد عداوة للمولى من بعد أبي إبراهيم موسى (عليه السلام) فقوله ضعيف لا يقدح في جلالة قدر هشام بن الحكم (1) وقد رويت روايات كثيرة في مدحه عن الصادق

١ - قوله «لا يقدح في جلالة قدر هشام» قد سبق في آخر باب الرؤية كلام هشام بن الحكم واستدلاله على عدم إمكان الرؤية بأنه تعالى ليس في مكان وقلنا هناك إن هذا تصريح بنفي الجسمية فما نقل عنه من أنه تعالى جسم أما مطروح لعدم الاطمينان بصدق الراوي وأما مأول بشيء يصح إسناده إليه بأن يريد بالجسم غير معناه المتبادر كما يأتي إن شاء الله وتخطئة الإمام له في سوء تعبيره لا في مقصوده، ولا يخفى أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) لم يكونوا معصومين بل كان يمكن لهم وقوع خطأ لا يقدح في فضلهم وجلالتهم وكان الأئمة (عليهم السلام) أن يردعوهم وينبهوهم على خطائهم إن اتفق لهم وكان هشام بن الحكم يتكلم ويحتج على المخالفين باجتهاده وبما كان يستنبطه بفكره الدقيق وفطنته النافذة كما يعلم مما روى عنه في احتجاجاته وليس ردعه إن أخطأ في بعضها دليلا على طرده من الأئمة (عليهم السلام)، وما ذكر في قدحه.
وروى في رجال الكشي يرجع إلى شيئين الأول: قوله بالجسم وقد عرفت ما فيه، والثاني: عدم انتهائه عن الكلام عند نهي موسى بن جعفر (عليهما السلام) عنه تقية وقد عرفت ما في القول بالجسم، وأما نهى الامام (عليه السلام) إياه عن الكلام فلعله فهم اختصاص النهي بوقت خاص وتكلم في غير ذلك وأما تسبيبه لقتل موسى بن جعفر (عليه السلام) بادعاء الإمامة له فيشبه أن يكون دعوى جزافية إذ لم يكن يخفى فضل الإمام وعلمه وأولويته بالخلافة على مثل هارون الرشيد ولم يكن كثرة الشيعة في أنحاء العالم خصوصا في العراق واعتقادهم الإمامة في موسى بن جعفر (عليهما السلام) وحمل أموالهم إليه مما لا يعمله أحد من المسلمين في ذلك العصر فكيف يمكن أن يدعى أن تكلم هشام في مجلس الخليفة في الإمامة كان سببا للقبض عليه وقد روى في بعض الأخبار أن هارون كان يتحسس حتى يجد ما يكون عذره في حبسه (عليه السلام) وقتله حتى رأى أن يغر محمد بن إسماعيل بن جعفر حتى يشكي إلى هارون عن عمه ويدعى عليه انه يريد الخروج على الخليفة وأرسل إليه مالا فأجاب محمد بن إسماعيل وكان هذا عذره ظاهرا في القبض عليه (عليه السلام) وكان نهى هشام عن التكلم لعلة أخرى لا لأنه يصير سببا لقتله وإن ورد في رواية وكذلك نهى أبي جعفر (عليه السلام) عن الصلاة خلف أصحاب هشام بن الحكم لا يدل على قدح فيه على فرض صحته، وفي رواية عن الرضا (عليه السلام) في معنى هشام كان عبدا ناصحا وأوذي من قبل أصحابه حسدا منهم له، ومما يعجبني من فطنة هشام كلامه مع النظام حيث ادعى النظام أن أهل الجنة غير مخلدين إذ يكون حينئذ بقاؤهم كبقاء الله تعالى ومحال يبقون كذلك فقال هشام إن أهل الجنة يبقون بمبق لهم والله يبقى بلا مبق يعني أن دوام الوجود واستمراره لا يستلزم وجوب الوجود حتى يكون أهل الجنة بخلودهم واجبين بل المستلزم للوجوب أن يكونوا مستغنين عن العلة كما يقوله المتكلمون في الحدوث وأن استمرار الممكن من الأزل لا يستلزم الوجوب والاستغناء، ومما يعجبني منه استنطاقه الأطباء في مرضه الذي مات فيه كلما حضر عنده طبيب ووصف له دواء سأله عن مرضه فإن قال أعرف مرضك سأل عن عوارض هذا المرض وأسبابه فلا يجده موافقا لما به، وقال: جهلك بالمرض يدل على جهلك بالعلاج ويأتي لذلك تتمة إن شاء الله. (ش)
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست