شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٣
بأمثلة من صانع آخر عمل هو بمثل صنع ذلك الآخر.
وأما الثاني فلأن الفاعل على وفق ما الهم به وإن كان مخترعا مبتدعا في العرف لكنه في الحقيقة مفتقر إلى الغير الذي هو المخترع والمبتدع، وإنما الفاعل يفعل على وفق ما حصل في ذهنه من الشكل والهيئة وهما مستفاد أن من ذلك الغير والله سبحانه منزه عن الصنع بهذا الوجه أيضا لعدم احتياجه إلى الغير.
(بقدرته وحكمته) أي فاطر الأشياء ومبتدعها بمجرد قدرته القاهرة على وفق ما تقتضيه حكمته البالغة من كمال نظام العالم وتمام مصالح الخلق وحدود الأشياء ومقاديرها وأشكالها ونهاياتها وآجالها وغاياتها ومنافعها وكيفياتها، وفيه تصريح بأن صدور تلك الآثار عنه بطريق الاختيار دون الايجاب لأن الايجاب ينافي القدرة وأيضا صدور الحادث عن القديم بطريق الإيجاب يوجب تخلف المعلول عن تمام علته حيث وجدت العلة في الأزل دون المعلول (لا من شيء) أي لا من مثال سابق يكون بمنزلة المنتسخ أو لا من أصل أزلي من مادة وصورة (فيبطل الاختراع) ضرورة أن خلقها من شيء ليس اختراعا هذا خلف مع لزوم النقص في قدرته لاحتياجه في التأثير إلى غيره.
(ولا لعلة) أي لا لعلة غائية تعود إليه سبحانه مثل الاستيناس بتلك الأشياء لرفع وحشة، والاستعانة بها لدفع شدة، والاستغاثة بها في دفع محنة، أو لا لصورة فايضة عليه من الغير وباعثة على الإيجاد وسماها علة لأنها بمنزلة العلة الغائية في البعث على الفعل.
(فلا يصح الابتداع) أما على الأول: فلأن الصانع لنفع يعود إليه كان ناقصا في حد ذاته مفتقرا إلى غيره وكل ناقص مفتقر مخلوق ومن البين أن المخلوق ليس مبتدعا لجميع الخلائق، وأما على الثاني فلأن الفاعل لشيء باعتبار صورة إلهامية غير حاصلة لغيره فايضة من المفيض وإن كان في العرف مبتدعا لذلك الشيء من جهة أن وجود ذلك الشيء لم يكن من غيره لكن في الحقيقة ليس هو مبتدعا وإنما المبتدع هو مفيض تلك الصورة وملهما، وأما حمل نفي العلة على نفي العلة الغائية الراجعة إلى الخلق ففيه كلام ذكرنا في شرح الخطبة.
(خلق ما شاء كيف شاء) بمجرد المشية والإرادة على سبيل الاختيار، لا بالإيجاب والاضطرار، ولا بتوسط أصوات ولا بتحريك آلات.
(متوحدا بذلك) الخلق المشتمل على الصنع العجيب والرتيب الغريب لا يشاركه أحد ولا يعينه صفة وفيه إشارة إلى نفي الشريك وعدم زيادة الصفة لأن التوحيد الحقيقي يقتضي نفيهما، ولاستحالة احتياجه في الإيجاد إلى غيره.
(٢٢٣)
مفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست