الجملتين مع الاستثناء لغوا لأنه أثبت شيئا بلفظ مفرد ثم رفعه كله فلا يصح كما لو استثنى منها وهي غير معطوفة على بعضها فاما الآية والخبر فإن الاستثناء لم يرفع إحدى الجملتين إنما أخرج من الجملتين معا من اتصف بصفة فنظيره ما لو قال للبواب: من جاء يستأذن فائذن له واعطه درهما الا فلانا، ونظير مسئلتنا ما لو قال: أكرم زيدا وعمرا الا عمرا، وان قال له: علي درهمان ثلاثة الا درهمين، لم يصح أيضا لأنه يرفع الجملة الأولى كلها فأشبه ما لو قال أكرم زيدا وعمرا الا زيدا، وان قال له: علي ثلاثة وثلاثة الا درهمين خرج فيها وجهان لأنه استثنى أكثر الجملة التي تليه واستثناء الأكثر فاسد كاستثناء الكل (فصل) وان استثنى استثناء بعد استثناء وعطف الثاني على الأول كان مضافا إليه فإذا قال:
له علي عشرة الا ثلاثة والا درهمين كان مستثنيا لخمسة مبقيا لخمسة، وإن كان الثاني غير معطوف على الأول كان استثناء من الاستثناء وهو جائز في اللغة، قد جاء في كلام الله تعالى في قوله (قالوا انا أرسلنا إلى قوم مجرمين الا آل لوط انا لمنجوهم أجمعين الا امرأته قدرنا انها لمن الغابرين) فإذا كان صدر الكلام اثباتا كان الاستثناء الأول نفيا والثاني اثباتا فإن استثنى استثناء ثالثا كان نفيا يعود كل استثناء إلى ما يليه من الكلام فإذا قال: له عشرة الا ثلاثة الا درهما كان مقرا بثمانية لأنه أثبت عشرة ثم نفى منها ثلاثة ثم أثبت درهما وبقي من الثلاثة المنفية درهمان مستثنيان من العشرة فيبقى منها ثمانية وسنزيد لهذا الفصل فروعا في مسألة استثناء الأكثر.