أنهما اشتركا في مكسب مباح فصح كما لو اشتركا في الخياطة والقصارة ولا نسلم ان الوكالة لا تصح في المباحات فإنه يصح أن يستنيب في تحصيلها بأجرة فكذلك يصح بغير عوض إذا تبرع أحدهما بذلك كالتوكيل في بيع ماله (فصل) وتصح شركة الأبدان مع اتفاق الصنائع فأما مع اختلافها فقال أبو الخطاب لا تصح وهو قول مالك لأن مقتضاها أن ما يتقبله كل واحد منهما من العمل يلزمه ويلزم صاحبه ويطالب به كل واحد منهما فإذا تقبل أحدهما شيئا مع اختلاف صنائعهما لم يمكن الآخر أن يقوم به فكيف يلزمه عمله؟ أم كيف يطالب بما لا قدرة له عليه؟ وقال القاضي تصح الشركة لأنهما اشتركا في مكسب مباح فصح كما لو اتفقت الصنائع ولان الصنائع المتفقة قد يكون أحد الرجلين أحذق فيها من الاخر فربما يتقبل أحدهما ما لا يمكن الاخر عمله ولم يمنع ذلك صحتها فكذلك إذا اختلفت الصناعتان، وقولهم يلزم كل واحد منهما ما يتقبله صاحبه قال القاضي يحتمل أن لا يلزمه ذلك لأنهما كالوكيلين بدليل صحتهما في المباح ولا ضمان فيها وان قلنا يلزمه أمكنه تحصيل ذلك بالأجرة أو بمن يتبرع له بعمله، ويدل على صحة هذا أنه لو قال أحدهما أنا أتقبل وأنت تعمل صحت الشركة وعمل كل واحد منهما غير عمل صاحبه (فصل) وإذا قال أحدهما انا أتقبل وأنت تعمل والأجرة بيني وبينك صحت الشركة وقال زفر لا تصح ولا يستحق العامل المسمى وإنما له أجرة المثل
(١١٣)