البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٣٤
حيث يتوضأ بلا تيمم. قلنا في تعارض الخبرين وجب تساقطهما فرجحنا كون الماء مطهرا باستصحاب الحال والماء كان مطهرا قبله وههنا تعارض جهتا الضرورة فتساقطتا فأبقينا ما كان على ما كان أيضا إلا أن ههنا ما كان ثابتا على حاله قبل التعارض شيئان: جانب الماء وجانب اللعاب وليس أحدهما بأولى من الآخر فوجب الشك. ومنها ما قيل في استعمال الماء ترك العمل بالاحتياط من وجه آخر لأنه إن كان نجسا فقد تنجس العضو قلنا: أما على القول بأن الشك في الطهورية فظاهر، وأما على القول المرجوح من أن الشك في كونه طاهرا فالجواب أن العضو طاهر بيقين فلا يتنجس بالشك، والحدث ثابت بيقين فلا يزول بالشك فيجب ضم التيمم ضم التيمم إليه. كذا في معراج الدراية وغيره.
وفي الكافي ولم يتعارض الخبر أن في سؤر الهرة إذ قوله صلى الله عليه وسلم الهرة سبع لا يقتضي نجاسة السؤر لما قدمنا أه‍. ثم اختلف مشايخنا فقيل الشك في طهارته، وقيل في طهوريته، وقيل فيهما جميعا، والأصح أنه في طهوريته وهو قول الجمهور. كذا في الكافي. هذا مع اتفاقهم أنه على ظاهر الرواية لا ينجس الثوب والبدن والماء ولا يرفع الحدث فلهذا قال في كشف الاسرار شرح أصول فخر الاسلام: إن الاختلاف لفظي لأن من قال الشك في طهوريته لا في طهارته أراد أن الطاهر لا يتنجس به ووجب الجمع بينه وبين التراب لا أن ليس في طهارته شك أصلا لأن الشك في طهوريته إنما نشأ من الشك في طهارته لتعارض الأدلة في طهارته ونجاسته أه‍. وبهذا التقرير علم ضعف ما استدل به في الهداية لقول من قال الشك في طهوريته بأنه لو وجد الماء المطلق لا يجب عليه غسل رأسه فإن وجوب غسله إنما يثبت بتيقن النجاسة والثابت الشك فيها فلا يتنجس الرأس بالشك فلا يجب. وعلم أيضا ضعف ما في فتاوى قاضيخان تفريعا على كون الشك في طهارته أنه لو وقع في الماء القليل أفسده لأنه لا إفساد بالشك، وفي المحيط تفريعا على الشك في طهوريته أنه لو وقع في الماء يجوز التوضؤ به ما لم يغلب عليه لأنه طاهر غير طهور كالماء المستعمل عند محمد اه‍. وكان
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست