البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٣٠
في الموطأ وابن خزيمة في صحيحه. وقال الترمذي: حديث أبي قتادة حسن صحيح وهو أحسن شئ في الباب. وقال البيهقي: اسناده صحيح وعليه الاعتماد. والنجس بفتحتين كل ما يستقذر. قال النووي: أما لفظ أو الطوافات فروي به أو وبالواو. قال صاحب مطالع الأنوار: يحتمل أن تكون للشك، ويحتمل أن تكون للتقسيم ويكون ذكر الصنفين من الذكور والإناث. وهذا الذي قاله محتمل والأظهر أنه للنوعين. قال أهل اللغة: الطوافون الخدم والمماليك، وقيل هم الذين يخدمون برفق وعناية. ومعنى الحديث أن الطوافين من الخدم والصغار الذين سقط في حقهم الحجاب، والاستئذان في غير الأوقات الثلاثة التي هي قبل الفجر وبعد العشاء وحين الظهيرة التي ذكرها الله تعالى إنما سقط في حقهم دون غيرهم للضرورة وكثرة مداخلتهم بخلاف الأحرار البالغين فلهذا يعفى عن الهرة للحاجة أه‍. ولهما أنه لا نزاع في سقوط النجاسة المفاد بالحديث بعلة الطوف المنصوصة يعني أنها تدخل المضايق ولازمه شدة المخالطة بحيث يتعذر معه صون الأواني منها بل صون النفس متعذر فللضرورة اللازمة من ذلك سقطت النجاسة إنما الكلام بعد هذا في ثبوت الكراهة. فإن كانت الكراهة كراهة تحريم كما قال الطحاوي لم ينتهض به وجه، فإن قال سقطت النجاسة فبقيت كراهة التحريم منعت الملازمة إذ سقوط وصف أو حكم شرعي لا يقتضي ثبوت آخر إلا بدليل.
والحاصل أن إثبات كل حكم شرعي يستدعي دليلا، فإثبات كراهة التحريم والحالة هذه بغير دليل وإن كانت كراهة تنزيه على الأصح كفى فيه أنها لا تتحامى النجاسة فيكره كماء غمس الصغير يده فيه وأصله كراهة غمس اليد في الاناء للمستيقظ قبل غسلها نهى عنه في حديث المستيقظ لتوهم النجاسة، فهذا أصل صحيح منتهض يتم به المطلوب من غير حاجة إلى التمسك بالحديث وهو ما رواه الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السنور سبع ووجه التمسك به على ما ذكره المصنف في المستصفى أنه عليه السلام لم يرد الحقيقة لأنه ما بعث لبيان الحقائق فيكون المراد به الحكم والحكم أنواع نجاسة السؤر وكراهته وحرمة اللحم. ثم لا يخلوا إما أيلحق به في حق جميع الأحكام وهو غير ممكن لأن فيه قولا بنجاسة السؤر مع كراهته وأنه لا يجوز أو في حرمة اللحم وأنه لا يجوز لما أنها ثابتة بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع، أو في كراهة السؤر وهو المرام أو في نجاسته وهو أنه لا يجوز أيضا إذا النجاسة منتفية بالاجماع، أو بالحديث، أو بالضرورة فبقيت الكراهة، أو في الأول مع الثاني أو في الأول مع الثالث أو في الثاني مع الثالث، وأنه لا يجوز لما مر.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست