البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٢٥
ولغ فيه الكلب سبع مرا ت أولاهن أو أخراهن بالتراب رواه الأئمة الستة في كتبهم. وفي لفظ لمسلم وأبي داود طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات ورواه أيضا مسلم من حديث أبي هريرة إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات. وروى مالك في الموطأ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات قال ابن عبد البر: إن حديث أبي هريرة تواترت طرقه وكثرت عنه. والامر بالإراقة دليل التنجيس وكذا الطهور لأنه مصدر بمعنى الطهارة فيستدعي سابقية الحدث أو الخبث ولا حدث في الاناء فتعين الثاني، ولأنه متى دار الحكم بين كونه تعبديا ومعقول المعنى كأن جعله معقول المعنى هو الوجه لندرة التعبد وكثرة التعقل.
ولنا قوله صلى الله عليه وسلم يغسل الاناء من ولوغ الكلب ثلاثا روي عن أبي هريرة فعلا وقولا مرفوعا وموقوفا من طريقين: الأول أخرجه الدارقطني بإسناد صحيح عن عطاء عن أبي هريرة إذا ولغ الكلب في الاناء فاهرقه ثم اغسله ثلاث مرات وأخرجه بهذا الاسناد عن أبي هريرة أنه قال إذا ولغ الكلب في الاناء أهرقه وغسل ثلاث مرات قال الشيخ تقي الدين في الالمام: هذا إسناد صحيح الطريق. الثاني أخرجه ابن عدي في الكامل عن الحسين بن علي الكرابيسي بسنده إلى عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه وليغسله ثلاث مرات ولم يرفعه غير الكرابيسي. قال ابن عدي قال لنا أحمد الحسين الكرابيسي يسأل عنه وله كتب مصنفة ذكر فيها اختلاف الناس من المسائل وذكر فيها أخبارا كثيرة وكان حافظا لها ولم أجد له منكرا غير هذا الحديث. والذي حمل أحمد بن حنبل عليه إنما هو من أجل اللفظ بالقرآن، فأما في الحديث فلم أر به بأسا أه‍. ومن المعلوم أن الحكم بالضعف والصحة إنما هو في الظاهر، أما في نفس الامر فيجوز صحة ما حكم بضعفه ظاهرا وثبوت كون مذهب أبي هريرة ذلك كما تقدم بالسند الصحيح قرينة تفيد أن هذا مما أجاده الراوي المضعف، وحينئذ يعارض حديث السبع ويقدم عليه لأن مع حديث السبع دلالة التقدم للعلم بما كان من التشديد في أمر الكلاب أول الأمر حتى أمر بقتلها والتشديد في سؤرها يناسب كونه إذ ذاك وقد ثبت نسخ ذلك، فإذا عارض قرينه معارض كانت التقدمة له، ولو طرحنا الحديث بالكلية كان في عمل أبي هريرة على خلاف حديث السبع وهو رواية كفاية لاستحالة أن يترك القطعي بالرأي منه، وهذا لأن ظنية خبر الواحد إنما هو بالنسبة إلى غير راوية، فأما بالنسبة إلى رواية الذي سمعه من في النبي صلى الله عليه وسلم فقطعي
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست