البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٤٥
قوله (أو لمرض) يعني يجوز التيمم للمرض وأطلقه وهو مقيد بما ذكره في الكافي من قوله بأن يخاف اشتداد مرضه لو استعمل الماء، فعلم أن اليسير منه لا يبيح التيمم وهو قول جمهور العلماء إلا ما حكاه النووي عن بعض المالكية وهو مردود بأنه رخصة أبيحت للضرورة ودفع الحرج وهو إنما يتحقق عند خوف الاشتداد والامتداد، ولا فرق عندنا بين أن يشتد بالتحرك كالمبطون، أو بالاستعمال كالجدري، أو كان لا يجد من يوضئه ولا يقدر بنفسه اتفاقا. وإن وجد خادما كعبده وولده وأجيره لا يجزيه التيمم اتفاقا كما نقله في المحيط، وإن وجد غير خادمه من لو استعان به أعانه ولو زوجته فظاهر المذهب أنه لا يتيمم من غير خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه كما يفيده كلام المبسوط والبدائع وغيرهما. ونقل في التنجيس عن شيخه خلافا بين أبي حنيفة وصاحبيه على قوله يجزئه التيمم، وعلى قولهما لا. قال:
وعلى هذا الخلاف إذا كان مريضا لا يقدر على الاستقبال أو كان في فراشه نجاسة ولا يقدر على التحول منه ووجد من يحوله ويوجهه لا يفترض عليه ذلك عنده، وعلى هذا الأعمى إذا وجد قائدا لا تلزمه الجمعة والحج والخلاف فيهما معروف. فالحاصل أن عنده لا يعتبر المكلف قادرا بقدرة غيره لأن الانسان إنما يعد قادرا إذا اختص بحالة يتهيأ له الفعل متى أراد، وهذا لا يتحقق بقدرة غيره ولهذا قلنا: إذا بذل الابن المال والطاعة لأبيه لا يلزمه الحج، وكذا من وجبت عليه الكفارة وهو معدوم فبذل له انسان المال لما قلنا. وعند هما تثبت القدرة بآلة الغير لأن آلة الغير صارت كآلته بالإعانة. وكان حسام الدين رحمه الله يختار قولهما. والفرق على ظاهر المذهب بين مسألة التيمم وبين المريض إذا لم يقدر على الصلاة
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست