البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٤٣
الحكم بطهارة الحوض إنما هو إذا كان الخروج حالة الدخول وهو كذلك فيما يظهر لأنه حينئذ يكون في المعنى جاريا لكن إياك وظن أنه لو كان الحوض غير ملآن فلم يخرج منه شئ في أول الأمر ثم لما امتلأ خرج منه بعضه لاتصال الماء الجاري به أنه لا يكون طاهرا حينئذ إذ غايته أنه عند امتلائه قبل خروج الماء منه نجس فيظهر بخروج القدر المتعلق به الطهارة إذا اتصل به الماء الجاري الطهور كما لو كان ممتلئا ابتداء ماء نجسا ثم خرج منه ذلك القدر لاتصال الماء الجاري به، ثم كلامهم يشير إلى أن الخارج منه نجس قبل الحكم على الحوض بالطهارة وهو كذلك كما هو ظاهر. كذا في شرح منية المصلي. وفي شرح الوقاية:
وإذا كان حوض صغير يدخل فيه الماء من جانب ويخرج من جانب يجوز الوضوء في جميع جوانبه وعليه الفتوى من غير تفصيل بين أن يكون أربعا في أربع أو أقل فيجوز، أو أكثر فلا يجوز. وفي معراج الدراية: يفتي بالجواز مطلقا والمتمده في فتاوى قاضيخان. وفي فتح القدير: إن الخلاف مبني على نجاسة الماء المستعمل فقولهم في هذه المسألة أنه لا يجوز الوضوء إلا في موضع خروج الماء إنما هو بناء على نجاسة الماء المستعمل، وأما على المختار من طهارة الماء المستعمل فالجواب في هذه المسألة كما تقدم في نظائرها أنه يجوز الوضوء فيها ما لم يغلب على ظن المتوضئ أن ما يغترفه لاسقاط فرض ماء مستعمل أو ما يخالطه منه مقدار نصفه فصاعدا، فكن على هذا معتمدا. كذا في شرح منية المصلي للعلامة ابن أمير حاج رحمه الله تعالى. واعلم أن أكثر التفاريع المذكورة في الكتب مبنية على اعتبار العشر في العشر، فأما على المختار من اعتبار غلبة الظن فيوضع مكان لفظ عشر في كل مسألة لفظ كثير أو كبير ثم تجري التفاريع ا ه‍. وسائر المائعات كالماء في القلة والكثرة يعني كل مقدار لو كان ماء تنجس فإذا كان غيره ينجس.
وحيث انتهينا من التفاريع المذكورة في الكتب نرجع إلى بيان الدلائل للأئمة فنقول:
استدل الإمام مالك رضي الله عنه بقوله صلى الله عليه وسلم الماء الطهور لا ينجسه شئ إلا ما غير طعمه
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست