البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٤٨
عن عاصم هو ابن المنذر، قال: دخلت مع عبيد الله بن عبد الله بن عمر بستانا فيه مقر ماء فيه جلد بعير ميت فتوضأ منه فقلت: أتتوضأ منه وفيه جلد بعير ميت؟ فحدثني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثا لم ينجسه شئ. وروى الدارقطني وابن عدي والعقيلي في كتابه عن القاسم باسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغ الماء أربعين قلة فإنه لا يحمل الخبث وضعفه الدارقطني بالقاسم وروى باسناد صحيح من جهة روح بن القاسم عن ابن المنكدر عن ابن عمر قال: إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس. وأخرج عن أبي هريرة من جهة بشر بن السري عن ابن لهيعة قال: إذا كان الماء قدر أربعين قلة لم يحمل خبثا. قال الدارقطني: كذا قال وخالفه غير واحد رووه عن أبي هريرة فقالوا أربعين غربا. ومنهم من قال أربعين دلوا. وهذا الاضطراب يوجب الضعف وإن وثقت الرجال. وأجاب النووي عن هذا الاضطراب. أما عن الشك في قوله قلتين أو ثلاثا فهي رواية شاذة غير ثابتة فهي متروكة فوجودها كعدمها لكن الطحاوي أثبتها بإسناده في شرح معاني الآثار. وأما ما روي من أربعين قلة أو أربعين غربا فغير صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما نقل أربعين قلة عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأربعين غربا أي دلوا عن أبي هريرة، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على غيره. قال النووي: وهذا ما نعتمده في الجواب.
أما الاضطراب في معناه فذكر شمس الأئمة السرخسي وتبعه في الهداية أن معنى قوله لم يحمل خبثا أنه يضعف عن النجاسة فيتنجس كما يقال هو لا يحمل الكل أي لا يطيقه وهذا مردود من وجهين ذكرهما النووي في شرح المهذب: الأول أنه ثبت في رواية صحيحة لأبي داود إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس فتحمل الرواية الأخرى عليها فمعنى لم يحمل خبثا لم ينجس وقد قال العلماء: أحسن تفسير غريب الحديث أن يفسر بما جاء في رواية أخرى لذلك الحديث. الثاني أنه صلى الله عليه وسلم جعل القلتين حدا فلو كان كما زعم هذا القائل لكان التقييد بذلك باطلا فإن ما دون القلتين يساوي القلتين في هذا. زاد عليه في فتح القدير وقال: هذا إن اعتبر مفهوم شرطه. وأما إن لم يعتبر مفهوم شرطه فيلزم عدم اتمام الجواب فإنه حينئذ لا
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست