البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٤٧
الاغتسال في الماء الدائم الكثير مثل الغدير العظيم، هكذا ذكر في معراج الدراية معزيا إلى شيخه العلامة. فعلى هذا حاصل النهي عن البول في الماء تنجس كل ماء راكد فعارض قوله لا ينجسه شئ وكون الاجماع أن الكثير لا يتنجس إلا بالتغير أمر آخر خارج من مفهوم الحديث وإثبات التعارض إنما هو باعتبار المفهومين. وممن صرح بأن ماء بئر بضاعة كان كثيرا الشافعي رضي الله عنه، وأما ما استدل به الشافعي فرواه أصحاب السنن الأربعة عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة وما ينو به من السباع والدواب فقال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث. وأخرجه ابن خزيمة والحاكم في صحيحيهما. قلنا: هذا الحديث ضعيف وممن ضعفه الحافظ ابن عبد البر والقاضي إسماعيل ابن إسحاق وأبو بكر بن العربي المالكيون ونقل ضعفه في البدائع عن ابن المديني. وقال أبو داود: ولا يكاد يصح لواحد من الفريقين حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقدير الماء ويلزم منه تضعيف حديث القلتين وإن كان رواه في كتابه وسكت عنه، وكذا ضعفه الغزالي في الاحياء والروياني في البحر والحلية. قال في البحر: هو اختياري واختار جماعة رأيتهم بخراسان والعراق ذكره النووي كما نقله عنه السراج الهندي. وقال الزيلعي المخرج: وقد جمع الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في كتاب الإمام طرق هذا الحديث ورواياته واختلاف ألفاظه وأطال في ذلك إطالة لخص منها تضعيفه له فلذلك أضرب عن ذكره في كتاب الالمام مع شدة الاحتياج إليه. ووجهه أن الاضطراب وقع في سنده ومتنه ومعناه. أما الأول فإنه اختلف على أبي أسامة فمرة يقول عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر، ومرة عنه عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة يروي عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، ومرة يروي عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وقد أجاب النووي عن هذا بأنه ليس اضطرابا لأن الوليد رواه عن كل من المحمدين فحدث مرة عن أحدهما، ومرة عن الآخر، ورواه أيضا عبد الله وعبيد الله ابنا عبد الله بن عمر عن أبيهما وهما أيضا ثبتان. وأما الاضطراب في متنه ففي رواية الوليد عن محمد بن جعفر بن الزبير لم ينجسه شئ، ورواية محمد بن إسحاق بسنده سئل عن الماء يكون في الفلاة فترده السباع والكلاب فقال: إذا كان الماء قلتين لا يحمل الخبث. قال البيهقي: وهو غريب. وقال إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق الكلاب والدواب، ورواه يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة فقال الحسن بن الصباح عنه عن حماد
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست