بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٥٣
الاستبراء في شراء الجارية وجملة الكلام فيه ان الاستبراء نوعان نوع هو مندوب ونوع هو واجب (أما) المندوب إليه فهو استبراء البائع إذا وطئ جارية وأراد أن يبيعها أو يخرجها عن ملكه بوجه من الوجوه عند عامة العلماء وقال مالك رحمه الله هو واجب (وجه) قوله أنه يحتمل شغل الرحم بماء البائع فيلزمه التعرف عن ذلك بالاستبراء كما في جانب المشترى (ولنا) أن سبب الوجوب لم يوجد في حق البائع على ما نذكر والاعتبار بالمشترى غير سديد لان الوجوب عليه لصيانة مائه عن الاختلاط بماء البائع والخلط يحصل بفعل المشترى لا بفعل البائع فتجب الصيانة عليه بالاستبراء لا على البائع الا انه يندب إليه لتوهم اشتغال رحمها بمائه فيكون البيع قبل الاستبراء مباشرة شرط الاختلاط فكان الاستبراء مستحبا وكذا إذا وطئ أمته أو مدبرته أو أم ولده ثم أراد أن يزوجها من غيره يستحب أن لا يفعل حتى يستبرئها لما قلنا وإذا زوجها قبل الاستبراء أو بعده فللزوج أن يطأها من غير استبراء وقال محمد رحمه الله أحب إلى أن يستبرئها بحيضة ولست أوجبه عليه وكذلك الرجل إذا رأى امرأة تزني ثم تزوجها له أن يطأها من غير استبراء وقال محمد أحب إلى أن لا يطأها حتى يستبرئها ويعلم فراغ رحمها والله عز وجل أعلم (وأما) الاستبراء الواجب فهو استبراء المشترى وكل من حدث له حل الاستمتاع بالجارية بحدوث ملك اليمين مطلقا والكلام فيه في مواضع في بيان وجوب هذا النوع من الاستبراء وفي بيان سبب وجوبه وفي بيان ما يقع به الاستبراء (أما) الأول فالأصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في سبايا أوطاس ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن ولا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة والنص الوارد في السبي يكون واردا في سائر أسباب الملك دلالة ولان الاستبراء طلب براءة الرحم وانه واجب على المشترى لان به يقع الصيانة عن الخلط والخلط حرام لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره والصيانة عن الحرام تكون واجبة ولا تقع الصيانة الا بالاستبراء فيكون واجبا ضرورة فلا يحل له وطؤها قبل الاستبراء ولا أن يلمسها بشهوة أو ينظر إلى فرجها عن شهوة لان كل ذلك داع إلى الوطئ والوطئ إذا حرم حرم بدواعيه كما في باب الظهار وغيره بخلاف الحائض حيث لم تحرم الدواعي منها لان المحرم هناك ليس هو الوطئ بل استعمال الأذى والوطئ حرام لغيره وهو استعمال ولا يجوز ذلك في الدواعي فلا يجوز والله عز وجل أعلم (وأما) سبب وجوبه فهو حدوث حل الاستمتاع بحدوث ملك اليمين مطلقا يعنى به ملك الرقبة واليد باي سبب حدث الملك من الشراء والسبي والصدقة والهبة والإرث ونحوها فلا يجب الاستبراء على البائع لانعدام السبب وهو حدوث الحل ويجب على المشترى لوجود سببه سواء كان بائعه ممن يطأ أو ممن لا يطأ كالمرأة والصبي الذي لا يعقل سواء كانت الجارية بكرا أو ثيبا في ظاهر الرواية لما قلنا وروى عن أبي يوسف انه إذا علم المشترى انها لم توطأ لا يجب الاستبراء لان الاستبراء طلب براءة الرحم وفراغها عما يشغلها ورحم البكر برية فارغة عن الشغل فلا معنى لطلب البراءة والفراغ (والجواب) أن الوقوف على حقيقة الشغل والفراغ متعذر فتعلق الحكم بالسبب الظاهر وهو حدوث حل الاستمتاع بحدوث ملك اليمين مطلقا قد وجد ولا يجب على من حرم عليه فرج أمته بعارض الحيض والنفاس والردة والكتابة والتزويج إذا زالت هذه العوارض بان طهرت وأسلمت وعجزت فطلقها الزوج قبل الدخول بها لان حل الاستمتاع لم يحدث بل كان ثابتا لكن منع منه لغيره وقد زال بزوال العوارض وكذا لم يحدث ملك اليمين فلم يوجد السبب ولا يجب بشراء جارية لا يحل فرجها بملك اليمين بان وطئها أبوه أو ابنه أو لمسها بشهوة أو نظر إلى فرجها لا بشهوة أو كان هو وطئ أمها أو ابنتها أو نظر إلى فرجها عن شهوة أو كانت مرتدة أو مجوسية ونحو ذلك من الفروج التي لا تحل بملك اليمين لان فائدة الاستبراء التمكن من الاستمتاع بعد حصول انعدام مانع معين منه وهو اختلاط الماءين والاستبراء في هذه المواضع لا يفيد التمكن من الاستمتاع لوجود مانع آخر وهو ان المحل لا يحتمل الحل ولا يجب على العبد والمكاتب والمدبر لانعدام
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306