بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٤٩
الاخذ أخذ الباقي بما بقي من الثمن لان القدر في المكيل والموزون معقود عليه فكان له حصة من الثمن والأطراف من الحيوان جارية مجرى الأوصاف فلا يقابلها الثمن الا إذا صارت مقصودة بالقبض أو بالجناية على ما بينا فيما تقدم وذكر القدوري رحمه الله ههنا أيضا أنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ويأخذ ولا اشكال ههنا في تحليف المشترى لان التحليف مفيد في حقه لان البائع يدعى عليه كل الثمن وهو ينكر فيندفع عنه لزوم كل الثمن بالحلف فكان مفيدا (وأما) تحليف البائع ففيه اشكال لان المشترى يدعى عليه سقوط بعض الثمن وذا حاصل له من غير تحليفه فلم يكن تحليفه مفيدا في حقه فينبغي أن لا يحلف وان اختار الرد على البائع حلف المشترى وحده دون البائع لما قلنا فان أقام أحدهما البينة قبلت بينته لأنها قامت على أمر جائز الوجود وان أقاما البينة فالبينة بينة البائع لأنها مثبتة الا ترى أنها توجب دخول السلعة في ضمان المشترى وتقرر الثمن عليه وبينة المشترى نافية فالمثبتة أولى والله عز وجل أعلم (ومنها) ثبوت حق الحبس للمبيع لاستيفاء الثمن وهذا عندنا وقال الشافعي رحمه الله في قول يسلمان معا وفى قول يسلم المبيع أولا ثم يسلم الثمن أما قوله الأول فبناء على أصله الذي ذكرنا فيما تقدم وهو أن الثمن والمبيع من الأسماء المترادفة عنده ويتعين كل واحد منهما بالتعيين فكان كل ثمن مبيعا وكل مبيع ثمنا (وأما) قوله الثاني وهو أن في تقديم تسليم المبيع صيانة العقد عن الانفساخ بهلاك المبيع وليس ذلك في تقديم تسليم الثمن لأنه لو هلك المبيع قبل القبض ينفسخ العقد وان قبض الثمن فكان تقديم تسليم المبيع أولى صيانة للعقد عن الانفساخ ما أمكن (ولنا) قوله عليه الصلاة والسلام الدين مقضى وصف عليه الصلاة والسلام الدين بكونه مقضيا عاما أو مطلقا فلو تأخر تسليم الثمن عن تسليم المبيع لم يكن هذا الدين مقضيا وهذا خلاف النص وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال ثلاث لا يؤخرن الجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفأ والدين إذا وجدت ما يقضيه وتقديم تسليم المبيع تأخير الدين وانه منفى بظاهر النص ولان المعاوضات مبناها على المساواة عادة وحقيقة ولا تتحقق المساواة الا بتقديم تسليم الثمن لأن المبيع متعين قبل التسليم والثمن لا يتعين الا بالتسليم على أصلنا فلا بد من تسليمه أولا تحقيقا للمساواة وقوله فيما قلته صيانة العقد عن الانفساخ بهلاك المبيع قلنا هلاكه قبل تسليم الثمن نادر والنادر ملحق بالعدم فيلزم اعتبار معنى المساواة ثم الكلام في هذا الحكم في موضعين أحدهما في بيان شرط ثبوت هذا الحكم والثاني في بيان ما يبطل به بعد ثبوته أما شرط ثبوته فشيئان أحدهما أن يكون أحد البدلين عينا والاخر دينا فإن كانا عينين أو دينين فلا يثبت حق الحبس بل يسلمان معا لما ذكرنا فيما تقدم والثاني أن يكون الثمن حالا فإن كان مؤجلا لا يثبت حق الحبس لأن ولاية الحبس تثبت حقا للبائع لطلبه المساواة عادة لما بينا ولما باع بثمن مؤجل فقد أسقط حق نفسه فبطلت الولاية ولو كان الثمن مؤجلا في العقد فلم يقبض المشترى المبيع حتى حل الأجل فله أن يقبضه قبل نقد الثمن وليس للبائع حق الحبس لأنه أسقط حق نفسه بالتأجيل والساقط متلاشى فلا يحتمل العود وكذلك لو طرأ الأجل على العقد بأن أخر الثمن بعد العقد فلم يقبض البائع حتى حل الأجل له أن يقبضه قبل نقد الثمن ولا يملك البائع حبسه لما قلنا ولو باع بثمن مؤجل فلم يقبض المشترى حتى حل الأجل هل له أجل آخر في المستقبل ينظر ان ذكرا أجلا مطلقا بأن ذكرا سنة مطلقة غير معينة فله أجل آخر هو سنة أخرى من حين يقبض المبيع عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد الثمن حال وليس له أجل آخر وان ذكرا أجلا بعينه بأن باعه إلى رمضان فلم يقبضه المشترى حتى مضى رمضان صار الثمن حالا بالاجماع (وجه) قولهما ان السنة المطلقة تنصرف إلى سنة تعقب العقد بلا فصل فإذا مضت انتهى الأجل كما لو عين الأجل نصا ولأبي حنيفة رحمه الله ان الأصل في الثمن شرع نظرا للمشترى لينتفع بالمبيع في الحال مع تأخير المطالبة بالثمن ولن يحصل هذا الغرض له الا وأن يكون اعتبار الأجل من وقت قبض المبيع فكان هذا تأجيلا من هذا الوقت دلالة بخلاف ما إذا عين الأجل لأنه نص على تعينه فوجب اعتبار المنصوص عليه إذ لا دلالة مع النص بخلافها ولو كان في البيع خيار الشرط لهما أو لأحدهما والأجل مطلق فابتداء الأجل من حين وجوب العقد
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306