بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٤٤
العقد بلا فصل وأما على التضييق فان تبايعا عينا بعين وجب تسليمهما معا إذا طالب كل واحد منهما صاحبه بالتسليم لما ذكرنا أن المساواة في عقد المعاوضة مطلوبة المتعاقدين عادة وتحقيق التساوي ههنا في التسليم معا لما ذكرنا انه ليس أحدهما بالتقديم أولى من الآخر وكذلك ان تبايعا دينا بدين لما قلنا وان تبايعا عينا يراعى فيه الترتيب عندنا فيجب على المشترى تسليم الثمن أولا إذا طالبه البائع ثم يجب على البائع تسليم المبيع إذا طالبه المشترى لان تحقيق التساوي فيه على ما بينا فيما تقدم (وأما) تفسير التسليم والقبض فالتسليم والقبض عندنا هو التخلية والتخلي وهو أن يخلى البائع بين المبيع وبين المشترى برفع الحائل بينهما على وجه يتمكن المشترى من التصرف فيه فيجعل البائع مسلما للمبيع والمشترى قابضا له وكذا تسليم الثمن من المشترى إلى البائع وقال الشافعي رحمه الله القبض في الدار والعقار والشجر بالتخلية وأما في الدراهم والدنانير فتناولهما بالبراجم وفى الثياب بالنقل وكذا في الطعام إذا اشتراه مجازفة فإذا اشتراه مكايلة فبالكيل وفى العبد والبهيمة بالسير من مكانه (وجه) قوله أن الأصل في القبض هو الاخذ بالبراجم لأنه القبض حقيقة الا أن فيما لا يحتمل الاخذ بالبراجم أقيم النقل مقامه فيما يحتمل النقل وفيما لا يحتمله أقيم التخلية مقامه (ولنا) أن التسليم في اللغة عبارة عن جعله سالما خالصا يقال سلم فلان لفلان أي خلص له وقال الله تعالى ورجلا سلما لرجل أي سالما خالصا لا يشركه فيه أحد فتسليم المبيع إلى المشترى هو جعل المبيع سالما للمشترى أي خالصا له بحيث لا ينازعه فيه غيره وهذا يحصل بالتخلية فكانت التخلية تسليما من البائع والتخلي قبضا من المشترى وكذا هذا في تسليم الثمن إلى البائع لان التسليم واجب ومن عليه الواجب لابد وأن يكون له سبيل الخروج عن عهدة ما وجب عليه والذي في وسعه هو التخلية ورفع الموانع فأما الاقباض فليس في وسعه لان القبض بالبراجم فعل اختياري للقابض فلو تعلق وجوب التسليم به لتعذر عليه الوفاء بالواجب وهذا لا يجوز ثم لا خلاف بين أصحابنا في أن أصل القبض يحصل بالتخلية في سائر الأموال واختلقوا في أنها هل هي قبض تام فيها أم لا وجملة الكلام فيه أن المبيع لا يخلو اما أن يكون مما له مثل واما أن يكون مما لا مثل له فإن كان مما لا مثل له من المذروعات والمعدودات المتفاوتة فالتخلية فيها قبض تام بلا خلاف حتى لو اشترى مذروعا مذارعة أو معدودا معاددة ووجدت التخلية يخرج عن ضمان البائع ويجوز له بيعه والانتفاع به قبل الذرع والعد بلا خلاف وإن كان مما له مثل فان باعه مجازفة فكذلك لأنه لا يعتبر معرفة القدر في بيع المجازفة وإن باع مكايلة أو موازنة في المكيل والموزون وخلى فلا خلاف في أن المبيع يخرج عن ضمان البائع ويدخل في ضمان المشترى حتى لو هلك بعد التخلية قبل الكيل والوزن يملك على المشترى وكذا لا خلاف في أنه لا يجوز للمشترى بيعه والانتفاع به قبل الكيل والوزن وكذا لو اكتاله المشترى أو اتزنه من بائعه ثم باعه مكايلة أو موازنة من غيره لم يحل للمشترى منه أن يبيعه أو ينتفع به حتى يكيله أو يزنه ولا يكتفى باكتيال البائع أو اتزانه من بائعه وإن كان ذلك بحضرة هذا المشترى لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجرى فيه صاعان صاع البائع وصاع المشترى وروى أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الطعام حتى يكال لكن اختلفوا في أن حرمة التصرف قبل الكيل أو الوزن لانعدام القبض بانعدام الكيل أو الوزن أو شرعا غير معقول المعنى مع حصول القبض بتمامه بالتخلية قال بعض مشايخنا انها تثبت شرعا غير معقول المعنى وقال بعضهم الحرمة لمكان انعدام القبض على التمام بالكيل أو الوزن وكما لا يجوز التصرف في المبيع المنقول بدون قبضه أصلا لا يجوز بدون قبضه بتمامه (وجه) قول الأولين ما ذكرنا أن معنى التسليم والتسلم يحصل بالتخلية لان المشترى يصير سالما خالصا للمشترى على وجه يتهيأ له تقليبه والتصرف فيه على حسب مشيئته وارادته ولهذا كانت التخلية تسليما وقبضا فيما لا مثل له وفيما له مثل إذا بيع مجازفة ولهذا يدخل المبيع في ضمان المشترى بالتخلية نفسها بلا خلاف دل أن التخلية قبض الا أن حرمة التصرف مع وجود القبض بتمامه ثبت تعبدا غير معقول المعنى والله عز وجل أعلم (وجه) قول الآخرين تعليل محمد رحمه الله في هذه المسألة في كتاب البيوع فإنه قال ولا يجوز للمشترى ان يتصرف فيه قبل الكيل لأنه باعه قبل أن
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306