بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٥٢
فكان له ولاية الاسترداد والدليل على التفرقة بين الرهن والبيع انه لو أعار المبيع المشترى بطل حق الحبس حتى لا يملك استرداده ولو أعار المرهون الراهن لا يبطل حق الحبس وله أن يسترده فان وجده ستوقا أو رصاصا أو مستحقا وأخذ منه له أن يرد بخلاف الزيوف لان البائع إنما أذن للمشترى بالقبض على أنه استوفى حقه وتبين انه لم يستوف أصلا ورأسا لان الستوق والرصاص ليسا من جنس حقه ألا ترى انه لو تجوز بها في الصرف والسلم لا يجوز وإن كان الاذن بالقبض على تقدير استيفاء الحق وقد تبين انه لم يستوف فتبين انه لم يكن آذنا له بالقبض ولا راضيا به فكان له ولاية الاسترداد ولو كان المشترى تصرف فيه فلا سبيل للبائع عليه سواء كان تصرفا يحتمل الفسخ كالبيع والرهن والإجارة ونحوها أو لا يكون كالاعتاق ونحوه بخلاف ما إذا قبضه بغير اذن البائع قبل نقد الثمن وتصرف فيه تصرفا يحتمل الفسخ انه يفسخ ويسترد لان هناك لم يوجد الاذن بالقبض فكن التصرف في المبيع ابطالا لحقه فيرد عليه إذا كان محتملا للرد وههنا وجد الاذن بالقبض فكان تصرف المشترى حاصلا عن تسليط البائع فنفذ وبطل حقه في الاسترداد كالمقبوض على وجه البيع الفاسد إذا تصرف فيه المشترى انه يبطل حق البائع في الفسخ الا أن في البيع الفاسد إذا أجر المبيع تفسخ الإجارة وههنا لا تفسخ لان الإجارة تفسخ بالعذر وقد تحقق العذر في البيع الفاسد لأنه مستحق الفسخ حقا للشرع دفعا للفساد فجعل استحقاق الفسخ بسبب الفساد عذرا في فسخ الإجارة ولا فساد ههنا فلا عذر في الفسخ ولو كان مكان البيع كتابة فادى المكاتب بدل الكتابة فعتق ثم وجد المولى المقبوض زيوفا أو مستحقا فالعتق ماض فان وجده ستوقا أو رصاصا لا يعتق لما ذكرنا أن الزيوف من جنس حقه فصار بقبضها قابضا أصل حقه وكذا قبض الدراهم المستحقة وقع صحيحا ظاهر أو احتمال الإجازة بعد ظهور الاستحقاق ثابت أيضا والعتق بعد ثبوته ظاهرا لا يحتمل الفسخ بخلاف ما إذا وجدها ستوقا أو رصاصا لان ذلك ليس من جنس حق أصلا ورأسا فلم يوجد أو أبدل الكتابة فلا يعتق يحقق الفرق بينهما إذا حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفى حقه فقبض ثم وجد المقبوض بعد الافتراق زيوفا أو مستحقا فرد الزيوف أو أخذ المالك المستحقة بر في يمينه وان وجده ستوقا أو رصاصا حنث في يمينه والله عز وجل أعلم ولو قبض المشترى المبيع باذن البائع ثم أفلس أو مات قبل نقد الثمن أو بعد ما نقد منه شيئا وعليه ديون لأناس شتى هل يكون البائع أحق به من سائر الغرماء اختلف فيه قال أصحابنا لا يكون له بل الغرماء كلهم أسوة فيه فيباع ويقسم ثمنه بينهم بالحصص وقال الشافعي رحمه الله البائع أحق به وان لم يكن قبضه حتى أفلس أو مات فإن كان الثمن مؤجلا فهو على هذا الاختلاف وإن كان حالا فالبائع أحق به بالاجماع احتج الشافعي بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أفلس المشترى فوجد البائع متاعه عنده فهو أحق به وهذا نص في الباب ولان العجز عن تسليم المبيع يوجب حق الفسخ للمشترى بالاجماع فان من باع عبدا فأبق قبل القبض أو غصب أو كانت دابة فضلت للمشترى ان يفسخ البيع والعجز عن تسليم الثمن يوجب الفسخ للبائع أيضا لان البيع عقد معاوضة ومبنى المعاوضات على المساواة (ولنا) ما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال من باع بيعا فوجده وقد أفلس الرجل فهو ماله بين غرمائه وهذا نص وهو عين مذهبنا ولان البائع لم يكن له حق حبس المبيع حال كون المشترى حيا مليا فلا يكون أحق بثمنه بعد موته وافلاسه لان الثمن بدل المبيع قائم مقامه واعتبار الثمن بالمبيع غير سديد لان بينهما مفارقة في الأحكام ألا ترى ان ملك المبيع شرط جواز العقد وملك الثمن ليس بشرط فإنه لو اشترى شيئا بدراهم لا يملكها جاز ولو باع شيئا لا يملكه لا يجوز وكذا لا يجوز التصرف في المبيع المنقول قبل القبض والتصرف في الثمن قبل القبض جائز وغير ذلك من الأحكام فكان اعتبار الثمن بالمبيع على الاطلاق فاسد والحديث محمول على ما إذا قبض المبيع بغير اذن البائع وعندنا البائع أحق به في هذه الحالة الا أنه ذكر الافلاس وإن كان حق الاسترداد لا يتقيد به لان الملئ يتمكن من دفع الاسترداد بنقد الثمن والمفلس لا يتمكن من ذلك فكان ذكر الافلاس مفيدا فحملناه على ما قلنا توفيقا بين الدلائل والله عز وجل الموفق (ومنها) وجوب
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306