بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٦٤
وشرائه قد مر في موضعه وإنما الحاجة ههنا إلى بيان صفة هذا البيع والى بيان حكمه والى بيان ما يسقط به الخيار ويلزم البيع والى بيان ما ينفسخ به البيع (اما) صفته فهي انه بيع غير لازم لان الخيار يمنع لزوم الصفقة قال سيدنا عمر رضي الله عنه البيع صفقة أو خيار ولان الخيار هو التخيير بين البيع والإجازة وهذا يمنع اللزوم كخيار العيب وخيار الرؤية ثم الخيار كما يمنع لزوم الصفقة فعدم القبض يمنع تمام الصفقة لان الثابت بنفس البيع ملك غير متأكد وإنما التأكد بالقبض وعلى هذا يخرج ما إذا كان المبيع شيئا واحد أو أشياء انه ليس لمن له الخيار أن يجيز البيع في البعض دون البعض من غير رضا الآخر سواء كان الخيار للبائع أو للمشترى وسواء كان البيع مقبوضا أو غير مقبوض لان الإجازة في البعض دون البعض تفريق الصفقة في اللزوم وكما لا يجوز تفريق أصل الصفقة وهو الايجاب والقبول الا برضا العاقدين بان يقبل البيع في بعض المبيع دون البعض بعد إضافة الايجاب والقبول إلى الجملة ويوجب البيع بعد إضافة القبول إلى جملته لا يجوز في وصفها وهو ان يلزم البيع في البعض دون البعض الا برضاهما ولو هلك أحد العبدين في يد البائع والخيار له لم يكن له أن يجيز البيع في الباقي الا برضا المشترى لان البيع انفسخ في قدر الهالك فالإجازة في الباقي تكون تفريق الصفقة على المشترى فلا يجوز من غير رضاه ولو هلك أحدهما في يد المشترى فللبائع أن يجيز البيع في الباقي في قياس قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله ينتقض البيع وليس له أن يجيز البيع في الباقي وإن كان المبيع مما له مثل من المكيل والموزون والعددي المتقارب فهلك بعضه فللبائع أن يجيز البيع في الباقي بلا خلاف (وجه) قول محمد ان الإجازة ههنا بمنزلة انشاء التمليك لان خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه فكان للإجازة حكم الانشاء والهالك منهما خرج عن احتمال الانشاء والانشاء في الباقي تمليك بحصته من الثمن وهي مجهولة فيما لا مثل له فلم يحتمل الانشاء وفيما له مثل معلومة فاحتمل الانشاء (وجه) قولهما ان هذه الإجازة تظهر ان العقد من حين وجوده انعقد في حق الحكم فلم يكن الهلاك مانعا من الإجازة وقوله الإجازة ههنا انشاء قلنا ممنوع فان العقد ينعقد في حق الحكم بدون الإجازة من انقضاء المدة وبموت من له الخيار ولو كانت الإجازة انشاء لتوقف حكم العقد على وجودها وهذا بخلاف بيع الفضولي إذا هلك المبيع قبل الإجازة ثم أجازه المالك لم يجز وههنا جاز فهلاك المبيع في بيع الفضولي يمنع من الإجازة وههنا لا يمنع (ووجه) الفرق ان بيع الفضولي يثبت بطريق الاستناد والمستند ظاهر من وجه مقتصر من وجه فكانت الإجازة اظهارا من وجه انشاء من وجه فمن حيث إنها اظهار كان لا يقف صحته على قيام المحل ومن حيث إنها انشاء يقف عليه (فاما) في البيع بشرط الخيار فالحكم يثبت عند الإجازة بطريق الظهور المحض فكانت الإجازة اظهارا ان العقد من وقت وجوده انعقد في حق الحكم والمحل كان قابلا وقت العقد فهلاكه بعد ذلك لا يمنع من الإجازة والله عز وجل اعلم وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة في رجلين اشتريا شيئا على أنهما بالخيار فيه ثلاثة أيام فاختار انه يلزم البيع حتى لا يملك الاخر الفسخ احترازا عن تفريق الصفقة في اللزوم وسنذكر المسألة في خيار العيب إن شاء الله تعالى (وأما) حكم هذا البيع فقد اختلف العلماء فيه قال أصحابنا لا حكم له للحال والخيار يمنع انعقاد العقد في الحكم للحال لمن له الخيار بل هو للحال موقوف على معنى انه لا يعرف حكمه للحال وإنما يعرف عند سقوط الخيار لأنه لا يدرى انه يتصل به الفسخ أو الإجازة فيتوقف في الجواب للحال وهذا تفسير التوقف عندنا وقال الشافعي رحمه الله في قول مثل قولنا وفى قول هو منعقد مفيد للتملك لكن ملكا مسلطا على فسخه بالخيار (وجه) قوله إن البيع بشرط الخيار لا يفارق البيع البات الا في الخيار والخيار لا يمنع ثبوت الملك كخيار العيب بالاجماع وخيار الرؤية على أصلكم (ولنا) ان جواز هذا البيع مع أنه معدول به عن القياس لحاجة إلى دفع الغبن ولا اندفاع لهذه الحاجة الا بامتناع ثبوت الملك للحال لان من الجائز أن يكون المشترى قريب المشترى فلو ملكه للحال لعتق عليه للحال فلا تندفع حاجته ثم الخيار لا يخلو اما إن كان للبائع والمشترى جميعا واما إن كان للبائع وحده واما إن كان للمشترى وحده واما إن كان لغيرهما بان شرط أحدهما الخيار لثالث فإن كان الخيار لهما فلا ينعقد العقد في حق الحكم في البدلين جميعا فلا يزول المبيع عن
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306