بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٦١
ثمن أحدهما أكثر ولا يلتفت إلى زيادة قدر الثمن لان الحط غير مقابل بالثمن حتى تعتبر قيمة القدر والله عز وجل أعلم (وأما) كيفية الجواز فالزيادة في المبيع والثمن عندنا تلتحق بأصل العقد كان العقد من الابتداء ورد على الأصل والزيادة جميعا إذا لم يتضمن الالتحاق فساد أصل العقد بلا خلاف بين أصحابنا وكذلك الحط فاما إذا تضمن ذلك بأن كانت الزيادة في الأموال الربوية فهل يلتحق به ويفسده أم لا يلتحق به وكذلك الحط اختلف أصحابنا في ذلك قال أبو حنيفة رضي الله عنه الزيادة والحط يلتحقان بأصل العقد ويفسدانه وقال أبو يوسف يبطلانه ولا يلتحقان بأصل وأصل العقد صحيح على حاله وقال محمد الزيادة باطلة والعقد على حاله والحط جائز هبة مبتدأة وهذا بناء على أصل ذكرناه فيما تقدم ان الشرط الفاسد المتأخر عن العقد الصحيح إذا ألحق به هل يلتحق به ويؤثر في فساده أم لا وهو على الاختلاف الذي ذكرنا ان الزيادة بمنزلة شرط فاسد متأخر عن العقد الصحيح ألحق به فأبو يوسف يقول لا تصح الزيادة والحط في أموال الربا لان ذلك لو صح لالتحق بأصل العقد ولو التحق بأصل العقد لأوجب فساد أصل العقد لتحقق الربا فلم يصح فبقي أصل العقد صحيحا كما كان محمد يقول لا تصح الزيادة لما قاله أبو يوسف فلم تؤثر في أصل العقد فبقي على حاله ويصح الحط لان الالتحاق من لوازم الزيادة فما ما ليس من لوازم الزيادة فلا يصح الحط على ما ذكرنا فيما تقدم وأبو حنيفة يقول الزيادة والحط صحيحان زيادة وحطا لان العاقدين أوقعاهما زيادة وحطا ولهما ولاية ذلك فيقعان زيادة وحطا ومن شأن الزيادة والحط الالتحاق بأصل العقد فيلتحقان به فكانت الزيادة والحط ولهما ابطالا للعقد السابق ولهما ولاية الابطال بالفسخ وكذا بالزيادة والحط والله عز وجل أعلم (وأما) البيع الذي فيه خيار فلا يمكن معرفة حكمه الا بعد معرفة أنواع الخيارات فنقول وبالله التوفيق الخيارات نوعان نوع يثبت شرطا ونوع يثبت شرعا لا شرطا والشرط لا يخلو اما أن يثبت نصا واما أن يثبت دلالة (أما) الخيار الثابت بالشرط فنوعان أحدهما يسمى خيار التعيين والثاني خيار الشرط (أما) خيار التعيين فالكلام فيه في جواز البيع الذي فيه خيار التعيين قد ذكرناه في موضعه وإنما الحاجة ههنا إلى بيان حكم هذا البيع والى بيان صفة الحكم والى بيان ما يبطل به الخيار بعد ثبوته ويلزم (أما) الأول فحكمه ثبوت الملك للمشترى في أحد المذكورين غير عين وخيار التعيين إليه عرف ذلك بنص كلامهما حيث قال البائع بعت منك أحد هذين الثوبين أو هذين العبدين أو الدابتين أو غيرهما من الأشياء المتفاوتة على أن تأخذ أيهما شئت وقبل المشترى وهذا يوجب ثبوت الملك للمشترى في أحدهما وثبوت خيار التعيين له والآخر يكون ملك البائع أمانة في يده إذا قبضه لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه التمليك ولا على وجه الثبوت فكان أمانة وليس للمشترى أن يأخذهما جميعا لأن المبيع أحدهما ولو هلك أحدهما قبل القبض لا يبطل البيع لأنه يحتمل أن يكون الهالك هو المبيع فيبطل البيع بهلاكه ويحتمل أن يكون غيره فلا يبطل والبيع قد صح بيقين ووقع في بطلانه فلا يبطل بالشك ولكن المشترى بالخيار ان شاء أخذ الباقي بثمنه وان شاء ترك لأن المبيع قد تغير قبل القبض بالتعيين فيوجب الخيار وكذلك لو كان اشترى أحد الأثواب الثلاثة فهلك واحد منها وبقى اثنان لا يبطل لما قلنا وللمشتري أن يأخذ أيهما شاء لان المالك إذا لم يعين المبيع كان المبيع أحد الباقين فكان له أن يأخذ أيهما شاء وله أن يتركهما كما لو اشترى أحدهما من الابتداء ولو هلك الكل قبل القبض بطل البيع لأن المبيع قد هلك بيقين فيبطل البيع والله عز وجل أعلم (وأما) صفة هذا الحكم فهو ان الملك الثابت بهذا البيع قبل الاختيار ملك غير لازم وللمشتري أن يردهما جميعا لان خيار التعيين يمنع لزوم العقد كخيار العيب وخيار الرؤية فيمنع لزوم الملك لكان محتملا للفسخ وهذا لأن جواز هذا النوع من البيع إنما يثبت بتعامل الناس لحاجتهم إلى ذلك لما بينا فيما تقدم ولا تنعدم حاجتهم الا بعد اللزوم لأنه عسى لا يوافقه كلاهما جميعا فيحتاج إلى ردهما (وأما) بيان ما به الخيار ويلزم البيع فيقول وبالله التوفيق ما يبطل به الخيار ويلزم البيع في الأصل نوعان اختياري وضروري والاختياري نوعان أحدهما صريح الاختيار وما يجرى مجرى الصريح والثاني الاختيار من طريق الدلالة (أما) الصريح فهو أن يقول
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306