بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٨٦
ما يكال فيما يوزن وأسلم ما يوزن فيما يكال ولا تسلم ما يكال فيما يكال ولا ما يوزن فيما يوزن وإذا اختلف النوعان مما يكال أو يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يدا بيد ولا خير فيه نسيئة ولا بد من شرح هذه الجملة وتفصيل ما يحتاج منها إلى التفصيل لأنه رحمه الله أجرى القضية فيها عامة ومنها ما يحتمل العموم ومنها ما لا يحتمل فلا بد من بيان ذلك فنقول وبالله التوفيق لا يجوز اسلام المكيلات في المكيلات على العموم سواء كانا مطعومين كالحنطة في الحنطة أو في الشعير أو غير مطعومين كالجص في الجص أو في النورة وكذلك بيع المكيل بالمكيل حالا لا سلما لكن دينا موصوفا في الذمة لا يجوز سواء كانا من جنس واحد أو من جنسين مطعومين كانا أو غير مطعومين عندنا لان أحد وصفى علة ربا الفضل جمعهما وهو الكيل وعند الشافعي رحمه الله إن كانا مطعومين فكذلك وان لم يكونا مطعومين جاز لان العلة عنده الطعم (وأما) اسلام الموزونات في الموزونات ففيه تفصيل إن كانا جميعا مما يتعينان في العقد لا يجوز أيضا سواء كانا مطعومين كالسكر في الزعفران أو غير مطعومين كالحديد في النحاس لوجود أحد وصفى علة ربا الفضل الذي هو علة تامة لربا النساء وعند الشافعي يجوز في غير المطعوم ولا يجوز في المطعوم لما قلنا ون كانا مما لا يتعينان في العقد كالدراهم في الدنانير والدنانير في الدراهم أو الدراهم في الدراهم والدنانير في الدنانير أو لا يتعين المسلم فيه كالحديد في الدراهم والدنانير لا يجوز لان المسلم فيه مبيع لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم فهذا يقتضى أن يكون السلم بيع ما ليس عند الانسان لأنه رخص في بعض ما دخل تحت النهى والداخل تحت النهى هو البيع دل ان السلم نوع بيع ليستقيم اثبات الرخصة فيه فكان المسلم فيه مبيعا والمبيع مما يتعين بالتعيين والدراهم والدنانير لا يحتملان التعيين شرعا في عقود المعاوضات فلم يكونا متعينين فلا يصلحان مسلما فيهما وإن كان رأس المال مما لا يتعين والمسلم فيه مما يتعين كما لو أسلم الدراهم أو الدنانير في الزعفران أو في القطن أو الحديد وغيرها من سائر الموزونات فإنه يجوز لانعدام العلة وهي القدر المتفق أو الجنس أما المجانسة فظاهرة الانتفاء وأما القدر المتفق فلان وزن الثمن يخالف وزن المثمن ألا ترى أن الدراهم بالمثاقيل والقطن والحديد يوزنان بالقبان فلم يتفق القدر فلم توجد العلة فلا يتحقق الربا هذا إذا أسلم الدراهم أو الدنانير في سائر الموزونات فاما إذا أسلم نقرة فضة أو تبر ذهب أو المصوغ فيها فهل يجوز ذكر الاختلاف فيه بين أبى يوسف وزفر على قول أبى يوسف يجوز وعلى قول زفر لا يجوز (وجه) قول زفر أنه وجد علة ربا النساء وهي أحد وصفى علة ربو الفضل وهو الوزن في المالين فيتحقق الربا (وجه) قول أبى يوسف ان أحد الوصفين الذي هو علة القدر المتفق لا مطلق القدر ولم يوجد لان النقرة أو التبر من جنس الأثمان وأصل الأثمان ووزن الثمن يخالف وزن المثمن على ما ذكرنا فلم يتفق القدر فلم توجد العلة فلا يتحقق الربا كما إذا أسلم فيها الدراهم والدنانير ولو أسلم فيها الفلوس جاز لان الفلس عددي والعدد في العدديات ليس من أوصاف العلة ولو أسلم فيها الأواني الصفرية ينظر إن كانت تباع وزنا لم يجز لوجود الوزن الذي هو أحد وصفى علة ربا الفضل وإن كانت تباع عددية جاز لانعدام العلة وأما اسلام المكيلات في الموزونات فهو أيضا على التفصيل فإن كان الموزون مما يتعين بالتعيين يجوز سواء كانا مطعومين كالحنطة في الزيت أو الزعفران أو غير مطعومين كالجص في الحديد عندنا لعدم العلة وعند الشافعي لا يجوز في المطعومين لوجود العلة وإن كان مما لا يتعين بالتعيين وهو الدراهم والدنانير لا يجوز لما مر ان شرط جواز السلم أن يكون المسلم فيه مبيعا والدراهم والدنانير أثمان أبدا بخلاف سائر الموزونات ثم إذا لم يجز هذا العقد سلما هل يجوز بيعا ينظر إن كان بلفظ البيع يجوز ويكون بيعا بثمن مؤجل لأنه ان تعذر تصحيحه أمكن تصحيحه سلما بيعا بثمن مؤجل فيجعل بيعا به وإن كان بلفظ السلم اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يجوز لان السلم يخالف مطلق البيع في الأحكام والشرائط فإذا لم يصح سلما بطل رأسا وقال بعضهم يجوز لان السلم نوع بيع ألا ترى ان النبي عليه الصلاة والسلام سماه بيعا حين نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم ولهذا ينعقد بلفظ البيع الا أنه اختص بشرائط مخصوصة فإذا تعذر تصحيحه بيعا هو سلم يصحح بيعا بثمن
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306