بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٨٥
المشتق من معنى إنما يجعل علة للحكم المذكور عقيبه عندنا إذا كان له أثر كالزنا والسرقة ونحوهما فلم قلتم بأن للطعم أثرا وكونه متعلق البقاء لا يكون أثره في الاطلاق أولى من الحظر فان الأصل فيه هو التوسيع دون التضييق على ما عرف والله سبحانه وتعالى أعلم وعلى هذا الأصل تبنى مسائل الربا نقدا ونسيئة وفروع الخلاف بيننا وبين الشافعي أما ربا النقد ففائدة الخلاف فيه تظهر في موضعين أحدهما في بيع مكيل بجنسه غير مطعوم أو موزون بجنسه غير مطعوم ولا ثمن كبيع قفيز جص بقفيزي جص وبيع من حديد بمنوى حديد عندنا لا يجوز لأنه بيع ربا لوجود علة الربا وهو الكيل مع الجنس أو الوزن مع الجنس وعنده يجوز لان العلة هي الطعم أو الثمنية ولم يوجد وعلى هذا الخلاف بيع كل مقدر بجنسه من المكيلات والموزونات غير المطعومات والأثمان كالنورة والزرنيخ والصفر والنحاس ونحوها (وأما) بيع المكيل المطعوم بجنسه متفاضلا وبيع الموزون المطعوم بجنسه متفاضلا كبيع قفيز أرز بقفيزي أرز وبيع من سكر بمنوى سكر فلا يجوز بالاجماع أما عندنا فلوجود القدر والجنس وعنده لوجود الطعم والجنس وكذا كل موزون هو مأكول أو مشروب كالدهن والزيت والخل ونحوها ويجوز بيع المكيل بغير جنسه متفاضلا مطعوما كان أو غير مطعوم بعد أن يكون يدا بيد كبيع قفيز حنطة بقفيزي شعير وبيع قفيز جص بقفيزي نورة ونحو ذلك لأن علة الربا الفضل مجموع الوصفين وقد انعدم أحدهما وهو الجنس وكذا بيع الموزون بغير جنسه متفاضلا جائز ثمنين كانا أو مثمنين بعد أن يكون يدا بيد كبيع دينار بمائة درهم وبيع من حديد بمنوى نحاس أو رصاص ونحو ذلك لما قلنا ويجوز بيع المذروعات والمعدودات المتفاوتة واحدا باثنين يدا بيد كبيع ثوب بثوبين وعبد بعبدين وشاة بشاتين ونصل بنصلين ونحو ذلك بالاجماع أما عندنا فلانعدام أحد الوصفين وهو الكيل والوزن وعنده لانعدام الطعم والثمنية (وأما) بيع الأواني الصفرية واحدا باثنين كبيع قمقمة بقمقمتين ونحو ذلك فإن كان مما يباع عددا يجوز لان العد في العدديات ليس من أوصاف علة الربا فلا يتحقق الربا وإن كان مما يباع وزنا لا يجوز لأنه بيع مال الربا بجنسه مجازفة ويجوز بيع المعدودات المتقاربة من غير المطعومات بجنسها متفاضلا عند أبي حنيفة وأبى يوسف بعد أن يكون يدا بيد كبيع الفلس بالفلسين بأعيانهما وعند محمد لا يجوز (وجه) قوله أن الفلوس أثمان فلا يجوز بيعها بجنسها متفاضلا كالدراهم والدنانير ودلالة الوصف عبارة عما تقدر به مالية الأعيان ومالية الأعيان كما تقدر بالدراهم والدنانير تقدر بالفلوس فكانت أثمانا ولهذا كانت أثمانا عند مقابلتها بخلاف جنسها وعند مقابلتها بجنسها حالة المساواة وإن كانت ثمنا فالثمن لا يتعين وان عين كالدراهم والدنانير فالتحق التعيين فيهما بالعدم فكان بيع الفلس بالفلسين بغير أعيانهما وذا لا يجوز ولأنها إذا كانت أثمانا فالواحد يقابل الواحد فبقي الآخر فضل مال لا يقابله عوض في عقد المعاوضة وهذا تفسير الربا (ولهما) أن علة ربا الفضل هي القدر مع الجنس وهو الكيل أو الوزن المتفق عند اتحاد الجنس والمجانسة ان وجدت ههنا فلم يوجد القدر فلا يتحقق الربا وقوله الفلوس أثمان قلنا ثمنيتها قد بطلت في حقهما قبل البيع فالبيع صادفها وهي سلع عددية فيجوز بيع الواحد بالاثنين كسائر السلع العددية كالقماقم العددية وغيرها الا أنها بقيت أثمانا عند مقابلتها بخلاف جنسها وبجنسها حالة المساواة لان خروجها عن وصف الثمنية كان لضرورة صحة العقد وجوازه لأنهما قصدا الصحة ولا صحة الا بما قلنا ولا ضرورة ثمة لان البيع جائز في الحالين بقيت على صفة الثمنية أو خرجت عنها والثاني في بيع مطعوم بجنسه ليس بمكيل ولا موزون كبيع حفنة حنطة بحفنتين منها أو بطيخة ببطيختين أو تفاحة بتفاحتين أو بيضة ببيضتين أو جوزة بجوزتين يجوز عندنا لعدم العلة وبقى الكيل مع الجنس والوزن وعنده لا يجوز لوجود الطعم والجنس وكذا لو باع خفنة بخفنة أو تفاحة بتفاحة أو بيضة ببيضة يجوز عندنا لما قلنا وعنده لا يجوز لوجود الطعم لان حرمة بيع المطعوم بجنسه هو العزيمة عنده والتساوي في الكيل أو الوزن مخلص عن الحرمة بطريق الرخصة ولم يوجد المخلص فبقي على أصل الحرمة (وأما) ربا النساء وفروعه وفائدة الاختلاف فيه فالأصل فيه ما روى عن إبراهيم النخعي أنه قال أسلم
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306