بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٨٣
يده بخلاف الأول وكذا إذا صالح معه من دينه على شئ بعينه جاز الصلح والله سبحانه وتعالى اعلم (ومنها) أن يكون البدل منطوقا به في أحد نوعي المبادلة وهي المبادلة القولية فإن كان مسكوتا عنه فالبيع فاسد بأن قال بعت منك هذا العبد وسكت عن ذكر الثمن فقال المشترى اشتريت لما ذكرنا ان البيع في اللغة مبادلة شئ مرغوب بشئ مرغوب وفى الشرع مبادلة المال بالمال فإذا لم يكن البدل منطوقا به ولا بيع بدون البدل إذ هو مبادلة كان بدله قيمته فكان هذا بيع العبد بقيمته وانه فاسد وهكذا السبيل في البياعات الفاسدة انها تكون بيعا بقيمة المبيع على ما نذكر في موضعه هذا إذا سكت عن ذكر الثمن فاما إذا نفاه صريحا بأن قال بعتك هذا العبد بغير ثمن أو بلا ثمن فقال المشترى اشتريت اختلف المشايخ فيه قال بعضهم هذا والسكوت عن الثمن سواء والبيع فاسد وقال بعضهم البيع باطل (وجه) قوله الأولين ان قوله بلا ثمن باطل لان البيع عقد مبادلة فكان ذكره ذكرا للبدل فإذا قال بغير ثمن فقد نفى ما أثبتته فبطل قوله بلا ثمن وبقى قوله بعت مسكوتا عن ذكر الثمن فكأنه باع وسكت عن ذكر الثمن (وجه) قول الآخرين ان عند السكوت عن ذكر الثمن يصير البدل مذكورا بطريق الدلالة فإذا نص على نفى الثمن بطلت الدلالة فلم يكن هذا بيعا أصلا والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) الخلو عن الربا وان شئت قلت ومنها المماثلة بين البدلين في أموال الربا حتى لو انتفت فالبيع فاسد لأنه بيع ربا والبيع الذي فيه ربا فاسد لان الربا حرام بنص الكتاب الكريم قال الله عز وجل وحرم الربا والكلام في مسائل الربا في الأصل في ثلاثة مواضع أحدها في بيان الربا في عرف الشرع انه ما هو والثاني في بيان علته انها ما هي والثالث في بيان شرط جريان الربا (أما) الأول فالربا في عرف الشرع نوعان ربا الفضل وربا النساء (أما) ربا الفضل فهو زيادة عين مال شرطت في عقد البيع على المعيار الشرعي وهو الكيل أو الوزن في الجنس عندنا وعند الشافعي هو زيادة مطلقة في المطعوم خاصة عند اتحاد الجنس خاصة (وأما) ربا النساء فهو فضل الحلول على الأجل وفضل العين على الدين في المكيلين أو الموزونين عند اختلاف الجنس أو في غير المكيلين أو الموزونين عند اتحاد الجنس عندنا وعند الشافعي رحمه الله هو فضل الحلول على الأجل في المطعومات والأثمان خاصة والله تعالى أعلم (وأما) الثاني وهو بيان العلة فنقول الأصل المعلول في هذا الباب باجماع القائسين الحديث المشهور وهو ما روى أبو سعيد الخدري وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال الحنطة بالحنطة مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والشعير بالشعير مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والتمر بالتمر مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا والذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد والفضل ربا أي بيعوا الحنطة بالحنطة مثلا بمثل يدا بيد وروى مثل بمثل بالرفع أي بيع الحنطة بالحنطة مثل بمثل يد بيد جائز فهذا النص معلول باتفاق الاقئسين غير أنهم اختلفوا في العلة قال أصحابنا علة ربا الفضل في الأشياء الأربعة المنصوص عليها الكيل مع الجنس وفى الذهب والفضة الوزن مع الجنس فلا تتحقق العلة الا باجتماع الوصفين وهما القدر والجنس وعلة ربا النساء هي أحد وصفى علة ربا الفضل اما الكيل أو الوزن المتفق أو الجنس وهذا عندنا وعند الشافعي علة ربا الفضل في الأشياء الأربعة الطعم وفى الذهب والفضة الثمنية في قول وفى قول هما غير معلولين وعلة ربا النساء ما هو علة ربا الفضل وهي الطعم في المطعومات والثمنية في الأثمان دون الجنس إذ الأصل عنده حرمة بيع المطعوم بجنسه (وأما) التساوي في المعيار الشرعي مع اليد مخلص من الحرمة بطريق الرخصة احتج الشافعي لاثبات هذا الأصل بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تبيعوا الطعام بالطعام الا سواء بسواء هذا الأصل يدل على أن الأصل حرمة بيع المطعوم بجنسه وإنما الجواز بعارض التساوي في المعيار الشرعي لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الطعام بالطعام مطلقا واستثنى حالة المساواة فيدل على أن الحرمة هي الأصل في بيع المطعوم بالمطعوم من غير فصل بين القليل والكثير وفيه دليل أيضا على جعل الطعم علية لأنه أثبت الحكم عقيب اسم مشتق من معنى والأصل ان الحكم إذا ثبت عقيب اسم مشتق من معنى
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306