بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٨٢
الإقالة في مجلس الإقالة (وجه) الاستحسان عموم النهى الذي روينا الا من حيث خص بدليل وفى الباب نص خاص وهو ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال رب السلم لا تأخذ الا سلمك أو رأس مالك وفى رواية خذ سلمك أو رأس مالك نهى النبي عليه الصلاة والسلام رب السلم عن الاخذ عاما واستثنى أخذ السلم أو رأس المال فبقي أخذ ما رواءهما على أصل النهى وكذا إذا انفسخ السلم بعد صحته لمعنى عارض نحو ذمي أسلم إلى ذمي عشرة دراهم في خمر ثم أسلما أو أسلم أحدهما قبل قبض الخمر حتى بطل السلم ووجب على المسلم إليه رد رأس المال لا يجوز لرب السلم الاستبدال استحسانا لما روينا ولو كان السلم فاسدا من الأصل ووجب على المسلم إليه رد رأس المال لفساد السلم يجوز الاستبدال لان السلم إذا كان فاسدا في الأصل لا يكون له حكم السلم فكان رأس مال السلم بمنزلة سائر الديون من القرض وثمن المبيع وضمان الغصب والاستهلاك (وأما) بدل الصرف فلا يجوز بيعه قبل القبض في الابتداء وهو حال بقاء العقد ويجوز في الانتهاء وهو ما بعد الإقالة بخلاف رأس مال السلم فإنه لا يجوز بيعه في الحالين (ووجه) الفرق أن القياس جواز الاستبدال بعد الإقالة في الناس جميعا لما ذكرنا ان الإقالة فسخ وفسخ العقد رفعه من الأصل كان لم يكن ولو لم يكن العقد لجاز الاستبدال فكذا إذا رفع والحق بالعدم فكان ينبغي أن يجوز الاستبدال فيهما جميعا الا أن الحرمة في باب السلم ثبتت نصا بخلاف القياس وهو ما روينا والنص ورد في السلم فبقي جواز الاستبدال بعد الإقالة في الصرف على الأصل وكذا الثياب الموصوفة في الذمة المؤجلة لا يجوز بيعها قبل القبض للنهي سواء كان ثبوتها في الذمة بعقد السلم أو غيره لان الثياب كما تثبت في الذمة مؤجلة بطريق السلم تثبت دينا في الذمة مؤجلة لا بطريق السلم بان باع عبدا بثوب موصوف في الذمة مؤجل فإنه يجوز بيعه ولا يكون جوازه بطريق السلم بدليل ان قبض العبد ليس بشرط وقبض رأس مال السلم شرط جواز السلم وكذا إذا أجر داره بثوب موصوف في الذمة مؤجل جازت الإجارة ولا يكون سلما وكذا لو ادعى عينا في يد رجل فصالحه من دعواه على ثوب موصوف في الذمة مؤجل جاز الصلح ولا يكون هذا سلما ولا يجوز الاستبدال به كما لا يجوز بالمسلم فيه وان لم يكن ثبوته بعقد السلم فهذه جملة الديون التي لا يجوز بيعها قبل القبض وما سواها من ثمن المبيع والقرض وقيمة المغصوب والمستهلك ونحوها فيجوز بيعها ممن عليه قبل القبض وقال الشافعي رحمه الله ثمن المبيع إذا كان عينا لا يجوز بيعه قبل القبض قولا واحدا وإن كان دينا لا يجوز في أحد قوليه أيضا بناء على أن الثمن والمثمن عنده من الأسماء المترادفة يقعان على مسمى واحد فكان كل واحد منهما مبيعا فكان بيع المبيع قبل القبض وكذا النهى عن بيع ما لم يقبض عام لا يفصل بين المبيع والثمن وأما على أصلنا فالمبيع والثمن من الأسماء المتباينة في الأصل يقعان على معنيين متباينين على ما نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه ولا حجة له في عموم النهى لان بيع ثمن المبيع ممن عليه صار مخصوصا بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما على ما نذكره (وأما) بيع هذه الديون من غير من عليه والشراء بها من غير من عليه فينظر ان أضاف البيع والشراء إلى الدين لم يجز بأن يقول لغيره بعت منك الدين الذي في ذمة فلان بكذا أو يقول اشتريت منك هذا الشئ بالدين الذي في ذمة فلان لان ما في ذمة فلان غير مقدور التسليم في حقه والقدرة على التسليم شرط انعقاد العقد على ما مر بخلاف البيع والشراء بالدين ممن عليه الدين لان ما في ذمته مسلم له وان لم يضف العقد إلى الدين الذي عليه جاز ولو اشترى شيئا بثمن دين ولم يضف العقد إلى الدين حتى جاز ثم أحال البائع على غريمه بدينه الذي له عليه جازت الحوالة سواء كان الدين الذي أحيل به دينا يجوز بيعه قبل القبض أو لا يجوز كالسلم ونحوه وذكر الطحاوي رحمه الله انه لا تجوز الحوالة بدين لا يجوز بيعه قبل القبض وهذا غير سديد لان هذا توكيل بقبض الدين فان المحال له يصير بمنزلة الوكيل للمحيل بقبض دينه من المحتال له والتوكيل بقبض الدين جائز أي دين كان ويكون قبض وكيله كقبض موكله ولو باع هذا الدين ممن عليه الدين جاز بأن اشترى منه شيئا بعينه بدينه الذي له في ذمته لأنه باع ما هو مقدور التسليم عند الشراء لان ذمته في
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306