بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٩٧
مطلقا فيراعى في الصرف شرائطه وإذا فسد بفوات شرط منه يفسد البيع في الصفر لأنه لا يمكن تميزه الا بضرر وبيع ما لا يمكن تميزه عن غيره الا بضرر فاسد على ما ذكرنا ولو بيعت هذه الدراهم بذهب جاز لان المانع هو الربا واختلاف الجنس يمنع تحقق الربا لكن يراعى فيه شرائط الصرف لأنه صرف وإذا فات شرط منه حتى فسد يفسد البيع في الصفر أيضا لما قلنا ولو بيعت بجنسها من الدراهم المغشوشة جاز متساويا ومتفاضلا نص عليه محمد في الجامع ويصرف الجنس إلى خلاف الجنس كما لو باع فضة منفصلة وصفرا منفصلا بفضة وصفر منفصلين وقالوا في الستوقة إذا بيع بعضها ببعض متفاضلا أنه يجوز ويصرف الجنس إلى خلاف الجنس ومشايخنا لم يفتوا في ذلك الا بالتحريم احترازا عن فتح باب الربا وقالوا في الدراهم القطريفينه يجوز بيع واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة منها بدرهم فضة لان ما فيها من الفضة يكون بمثل وزنها من الفضة الخالصة وزيادة الفضة تكون بمقابلة الصفر ولا يجوز بيع ستة منها بدرهم فضة لان الصفر الذي فيها يبقى فضلا خاليا عن العوض في عقد المعاوضة فيكون ربا وكان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله لا يفتى بجواز هذا وإن كانت الفضة والغش فيها سواء فلم يقطع محمد الجواب فيه في الجامع لكنه بناه على قول الصيارفة وحكى عنهم انهم قالوا إن الفضة والصفر إذا خلطا لا تتميز الفضة من الصفر حتى يحترق الصفر لأنهما لا يتميزان الا بذهاب أحدهما والصفر أسرعهما ذهابا فقال في هذه الدراهم إن كانت الفضة هي الغالبة أي على ما يقوله الصيارفة ان الصفر يتسارع إليه الاحتراق عند الإذابة والسبك فلا يجوز بيعها بالفضة الخالصة ولا بيع بعضها ببعض الا سواء بسواء كبيع الزيوف بالجياد لان الصفر إذا كان يتسارع إليه الاحتراق كان مغلوبا مستهلكا فكان ملحقا بالعدم وان لم يغلب أحدهما على الآخر وبقيا على السواء يعتبر كل واحد منهما على حياله كأنهما منفصلان ويراعى في بيعهما بالفضة الخالصة طريق الاعتبار كما في النوع الأول ويجوز بيع بعضها ببعض متساويا ومتفاضلا ويصرف الجنس إلى خلاف الجنس كما في النوع الأول والله سبحانه وتعالى أعلم وهل يجوز استقراض الدراهم المغشوشة عددا (أما) النوع الأول وهو ما كانت فضته غالبة على غشه فلا يجوز استقراضه الا وزنا لان الغش إذا كان مغلوبا فيه كان بمنزلة الدراهم الزائفة ولا يجوز بيع الدراهم الزائفة بعضها ببعض عددا لأنها وزنية فلم يعتبر العدد فيها فكان بيع بعضها ببعض مجازفة فلم يجز فلا يجوز استقراضها أيضا لأنها مبادلة حقيقة أو فيها شبهة المبادلة فيجب صيانتها عن الربا وعن شبهة الربا ولهذا لم يجز استقراض الكيلي وزنا لما ان الوزن في الكيلي غير معتبر فكان اقراضه مبادلة الشئ بمثله مجازفة أو شبة المبادلة فلم يجز كذا هذا وكذلك النوع الثالث وهو ما إذا كان نصفه فضة ونصفه صفرا لان الغلبة إذا كانت الفضة على اعتبار بقائها وذهاب الصفر في المآل على ما يقوله أهل الصنعة كان ملحقا بالدراهم الزيوف فلا يجوز استقراضه عددا وإن كان لا يغلب أحدهما على الآخر ويبقيان بعد السبك على حالهما كان كل واحد منهما أصلا بنفسه فيعتبر كل واحد منهما على حياله فكان استقراض الفضة والصفر جملة عددا وهذا لا يجوز لان اعتبار الصفر إن كان يوجب الجواز لان الفلس عددي فاعتبار الفضة يمنع الجواز لان الفضة وزنية فالحكم بالفساد عند تعارض جهتي الجواز والفساد أحوط وأما النوع الثاني ما كان الغش فيه غالبا والفضة مغلوبة فإنه ينظر إن كان الناس يتعاملون به وزنا لا عددا لا يجوز استقراضه عددا لان العدد في الموزون باطل فكان استقراضه مبادلة الموزون بجنسه مجازفة أو شبهة المبادلة وأنه لا يجوز وإن كانوا يتعاملون به عددا يجوز استقراضه عددا لأنهم إذا تعاملوا به عددا فقد ألحقوه بالفلوس وجعلوا الفضة التي فيه تبعا للصفر وأنه ممكن لأنها قليلة وقد يكون في الفلوس في الجملة قليل فضة فثبتت التبعية بدلالة التعامل ومثل هذه الدلالة لم توجد فيما إذا تعاملوا بها وزنا لا عددا فبقيت وزنية فلا يجوز استقراضه عددا وان تعامل الناس بها عددا لان هناك لا يمكن جعل الفضة تبعا للغش لأنها أكثر منه أو مثله والكثير لا يكون تبعا للقليل ومثل هذا الشئ لا يكون تبعا أيضا فبقيت على الصفة الأصلية الثابتة لها شرعا وهي كونها وزنية فلا يجوز استقراضها مجازفة كما لا يجوز بيع بعضها ببعض مجازفة وكذا الشراء بالدراهم المغشوشة من الأنواع الثلاثة عددا حكمه حكم الاستقراض سواء
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306