أما الأول:
فلا يخلو إما أن تكون الدعوى في العين القائمة أو في الدين، ولا يخلو: إما إن كان الصلح عن إنكار أو عن إقرار أما إذا كانت الدعوى في الأعيان القائمة، والصلح عن إقرار: فإن هذا الصلح في معنى البيع، من الجانبين، فما يجوز في البيع يجوز في الصلح، وما لا فلا. فإن كان المدعى به عروضا أو عقارا أو حيوانا من العبيد والدواب: يجوز الصلح إذا كان بدل الصلح عينا قائما معينا مملوكا له، سواء كان كيليا أو وزنيا أو غير ذلك من الحيوان والعروض.
أما إذا كان دينا: فإن كان شيئا من المكيل والموزون معلوم القدر والصفة يجوز، كما في البيع، لأن هذه الأشياء تصلح ثمنا عينا كان أو دينا.
وإن كان البدل ثيابا موصوفة في الذمة لا يجوز، ما لم يوجد فيه جميع شرائط السلم، بخلاف الكيلي والوزني فإنه يثبت دينا في الذمة مطلقا في المعاوضة المطلقة، فيصلح ثمنا من غير أجل.
وإن كان البدل حيوانا موصوفا في الذمة لا يجوز، لأنه لا يصير دينا في مقابلة مال بمال فلا يصلح ثمنا.
وإن كان الصلح عن إنكار فكذلك الجواب في جانب المدعي.
فأما في جانب المدعى عليه: فهو إسقاط وبدل عما ليس بمال.
وعلى هذا يثبت حق الشفعة، في الجانبين، في الصلح عن إقرار، حتى أن البدل إذا كان دارا والمدعى به دارا يثبت للشفيع الشفعة في الدارين وفي الصلح عن إنكار، والمسألة بحالها ثبت للشفيع الشفعة في الدار التي هي بدل الصلح، وكذا حق الرد بالعيب، وحكم دون الدار التي هي مدعى بها لما قلنا.